يبدو أن البعض من البشر لا يعرفون مهمتهم في الحياة على الإطلاق؛ لأنهم تنازلوا عن حقهم في الاختيار وعن تفعيل عقولهم وجمدوا تماماً تفكيرهم، وقبلوا على أنفسهم أن يكونوا مجرد أدوات تحرك من الغير، فتقول ما يقال لها وتفعل ما تؤمر، الأمر الذي أدى إلى المصير لأولئك الذين تنازلوا عن فطرتهم، جعل منهم أدوات فتك وقتل وإجرام لتحقيق رغبات وأماني الغير دون رادع من ضمير أو وازع من دين. إن وحشية الإنسان أخطر بكثير من وحشية الكائنات الحية الأخرى، ولذلك يلجأ تجار الحروب وأصحاب الأفكار المنحرفة إلى عزل الإنسان عن بني جنسه، ثم يقوم الحاقدون على الإنسانية بزرع الأفكار التي تخدم مصالحهم وأفكارهم العدوانية في عقول أولئك الذين باعوا ضمائرهم للشيطان، ثم يأمرونهم بتنفيذ خططهم العدوانية على الحياة الآمنة المستقرة. إن تجار الحروب وأصحاب الأفكار الظلامية لا تؤمن بدين أو وطن بقدر ما تؤمن بالمال الذي سيعود عليها من أعمال الإجرام والإرهاب، ولذلك يسهل على القوى الاستعمارية الطامعة في فرض السيطرة على مقدرات الشعوب استخدام تجار الحروب وأصحاب الأفكار المنحرفة لتحقيق رغبتها العدوانية. ولعل ما تشهده اليمن من توحد قوى الشر والعدوان ضد أمنه واستقراره ووحدته تسير في هذا الاتجاه، والظاهر اليوم أن تجارب الحروب وأصحاب الفكر المنحرف والمنتفعين الماديين هم من يقومون بدفع المغفلين الذين رضوا على أنفسهم أن يكونوا أداة تخريب وتدمير لموطنهم مقابل المال المدنس الذي جلب العار عليهم إلى يوم الدين. إن المشهد السياسي اليوم في الوطن العربي والساحة اليمنية محكوم بالمال المدنس الذي خصص لتخريب وحدة الشعوب وتدمير نفسها بنفسها، ويبدو أن القوى التي قبلت على نفسها أن تكون وسيلة للتخريب والتدمير والقتل والإرهاب لم تعد قادرة على امتلاك قرار نفسها؛ لأنها رهنت كرامتها مقابل المال المدفوع من الحاقدين على أمن واستقرار ووحدة اليمن. ولذلك ينبغي على العقلاء والحكماء أن يكونوا يداً واحدة في سبيل تخليص الوطن من الجور وتجار الحروب وبائعي الضمير؛ لأن اليمن أمانة في أعناق الشرفاء والحكماء من أبناء الوطن الذين رفضوا الارتهان وفضلوا حياة الكفاف في سبيل بقاء اليمن آمناً مستقراً موحداً بإذن الله.