لم يدرك الذين اعتادوا على إملاء الأفكار والقرارات عليهم من الغير, أن «الغير» الذي يملي لاتربطه بالوطن ثوابت ولا انتماء, وقد يكون هذا «الغير» حاقداً على البلاد والعباد واستغل أولئك المغفلين وغرس في عقولهم اتجاهاً واحداً غير سليم ولاتقبل حجته, مهما كانت قوية مدعمة بالبراهين الناصعة التي لاتقبل الجدل أو الشك, ولذلك أي نقاش مع من تعود على الأفكار الجاهزة والقرارات القاطعة التي تملى عليه من الغير لايمكن أن يصل إلى نتيجة تعيده إلى الصواب, إلا بعد مضي فترة طويلة تبذل فيها الجهود المضنية مصحوبة بالصبر والحكمة وعدم الانفعال أو اليأس. ولئن كان أصحاب الأفكار الظلامية قد استغلوا ضعفاء النفوس وصغار السن لغرس الأفكار المنحرفة وجعلوا منها أدوات طيعة يوجهونهم لتنفيذ مخططاتهم العدوانية على الوطن ومقدراته دون أن يكون لهم ظهور مباشر، فإن أولئك أشد خطراً على الشباب لأن أصحاب المشاريع الشيطانية ينصبون لهم الكمائن ويزينون لهم الإجرام وأعمال التخريب والإرهاب ويدفعون بأولئك المغفلين إلى الجحيم دون أن يتركوا لأنفسهم أثراً في ارتكاب تلك الجرائم ولاتجد في ساعة الفعل الإجرامي غير المغرر بهم المخدوعين, وهؤلاء الظلاميون يتلونون ويغيرون جلدتهم بحسب الظروف, وفي كل مرة يظهرون بأساليب أكثر مكراً ودهاءً يصعب على بعض الآباء الذين يلاحظون أبناءهم ويتابعون سيرتهم اكتشاف تلك الأساليب العدوانية ولايدركون إلا عندما يقع الفأس في الرأس. إن استخدام أساليب الغواية من اصحاب الفكر والفعل المنحرف ضد الشباب لايواجهه إلا الحذر والتبصير والتحصين المستمر بالفكر المستنير ولايجوز أن ينخدع الآباء بأطروحات أصحاب الغواية وينبغي أن يستعين الآباء بأهل الثقة والمعروفين بحرصهم على الشباب والتنشئة الوطنية, كما أن على الآباء ابتكار طرق جديدة لكشف الانحراف الفكري من خلال إثارة جملة من الأسئلة المعروفة ومناقشة الأبناء حولها وعندها سيدرك الآباء اتجاه الأبناء ومن ثم العمل على التحصين المستمر وهي مسؤولية جماعية على الجميع القيام بها حماية لسلامة المجتمع بإذن الله.