أتذكر دائما والدتي العزيزة على قلبي ووجداني لأنها الإنسانة الوحيدة التي تقرأ أفكاري وإحساسها صادق ونبيل تجاه مشاعري وهي القادرة على معرفة إحزاني وأفراحي دون أن أفصح عنها وهي الحضن الدافئ لمواساتي حتى بعد أن صار لي زوجة وأولاد عندما ينتابني الحزن والكربة من الحياة العملية أو الاجتماعية لا يريحني غير الارتماء في أحضانها والتدلل لها وأتذكر تلك العبارة التي تعزز في الصبر وتجاوز المحن بقولها «يابني أنسى آلامك لأن النسيان أحياناً نعمة» يمكن أن نقول إن هذه المقولة نابعة من خوف أم على فلذة كبدها حتى لا يقع في المحظور والحقيقة إن مآسينا هي دروس وعبر هامة في حياتنا يجب أن لا ننساها بل تبقى لاصقة في أذهننا حتى لا تتكرر حسب المثل القائل ليس عيباً أن نخطئ لكن العيب أن نكرر الخطأ، وهمومنا ومآسينا منها الذاتية نابعة من العلاقات الشخصية أو الأسرية وهذه مقدور عليها لكن غير المقدور عليه هو الهم العام والصالح العام أي هم الوطن وهذا يثقل كاهل أصحاب الضمائر الحية والوطنيين تجدهم يعانون من شدة انشغالهم المستمر في التفكير في حال الوطن والمواطن وتصوروا شدة الألم والحسرة التي تنتابهم عندما يستعرضون ماضينا الأليم الذي أنتجته عقول خالية من الروح الوطنية والمصداقية الحقة في هم الوطن والمواطن واستبدال الهم العام بالهم الخاص واللامبالاة بالقضايا الاستراتيجية للوطن والأمة وهل هناك جريمة توازي ما ارتكب في ما مضى. لا نستطيع تغيير الماضي لأنه فعل قد حدث ولكن يمكننا أن نغير وجهة نظرنا في تجاربه نتعلم منها بحيث لا نكرر سلبياتنا في حاضرنا ونتجاوز آلامه ومآسيه ونحقق أعظم الطموحات التي لم نتمكن من تحقيقها بالأمس ولا يمكن أن يتم ذلك دون الاعتراف بالأخطاء وتقييم مسيرتنا من خلال إعمال العقل المتفتح الذي يعمل بمبدأ عدم الأنانية وعلى أساس الاحترام المتبادل وتقدير بعضنا البعض ونتعامل مع كل شخص ونعمل معه بوصفه شريكا حقيقيا دون إلغاء أو تهميش والاعتراف بحقوق الآخر في الحياة التي نطمح أن نعيشها ونعتبر كرامته هي كرامتنا وعزته هي عزتنا ليعم الرخاء والاستقرار السلام على الكل وذلك بتفتح العقل و حرية التفكير دون أي قيود من التمايز العرقي والمذهبي والطائفي وهذه صفة عظيمة لا يستطيع أن يكتسبها إلا العظماء من البشر وهي من الصفات الإنسانية النبيلة التي ارساها ديننا الحنيف الإسلام والرسالة العظيمة التي حملها سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم ومن بعده الخلفاء الراشدون. وهنا يمكن أن يسأل كل ذاته هل قادر على أن يرتفع بذاته إلى هذه المرتبة العظيمة وبالتالي يرتفع الوطن إلى مصاف الدول الكبرى. والزعامة ليست تاجاً يوضع على الرأس أو هبة توهب بدون حق إنما هي قيم وسلوك تمارس على الواقع تفرضها أعمال حقيقية ملموسة تنهض بآلامه وترفع من شأن الوطن وعزته وكرامته والزعيم لا يكون زعيماً إلا على شعب عظيم وكريم وعزيز وسعيد أم اللئيم فهو من يتزعم شعباً بائساً ممزقاً كئيباً مذلاً. آه يا وطني متى أرك عصياً على الأعداء شامخا في العلا موحد الأوصال والمصير سعيدا بسعادة مواطنيك ناصرا للضعيف خالياً من الظلم والظلمة واسعاً بالخير طاردا للشر سليما معافى حضنك دافئ للكل دون تمييز تزغزغ العصافير وتغرد الطيور في سهولك وأوديتك بدلا من صوت الرصاص والمدافع مصوناً لدماء مواطنيك الأبرياء يسودك الحب والوئام والتسامح والسلام خالياً من الصراع والمتصارعين لا يكفر مسلم أخاه المسلم الكل فيك متساوون لا سيد ولا مسود ولا شيخ ولا رعية لا ظالم لا مظلوم والله يوفق الجميع لما فيه خير الوطن وآلامه. رابط المقال على الفيس بوك