مياه النيل.. هذا النهر العظيم الذي يبدأ أول منبع له من وسط شرق أفريقيا، أي من المنطقة الاستوائية الأغزر مطراً على مدار السنة.. فالنيل يبدأ من بحيرة فيكتوريا ثم يلتقي هذا المجرى مع العديد من الروافد التي تنحدر من سلسلة جبلية تعتبر خط تقسيم للمياه بين نهر الكنغو المتجه نحو الغرب وبين نهر النيل المتجه نحو الشمال إلى السودان.. وفي السودان يلتقي مع أكبر روافده، وهو النيل الأزرق الذي ينحدر من هضبة الحبشة، من بحيرة “تان” ويعتبر الرافد الأثيوبي «النيل الأزرق» الأكبر تغذية لنهر النيل والسبب في استمرار النيل شمالاً في بقية السودان، وعبر مصر شمالاً إلى المصب في البحر الأبيض المتوسط. في بداية القرن الماضي وفي الخمسينيات منه وقعت اتفاقيات بين دول حوض النيل التسع حددت توزيع المياه النيلية، ونصيب كل دولة من دول حوض النيل خلال الفترة من «1952م» حين قامت الثورة المصرية ارتبطت مصر عبدالناصر في سياساتها الخارجية بالاتجاه إلى رفع مستوى علاقاتها بأفريقيا، كدولة أفريقية وكدولة تربطها بدول شرق أفريقيا روابط حيوية، وحياتية شريانها نهر النيل، ولذا كانت اهتمامات مصر عبدالناصر بأفريقيا والولوج في قضايا حركات التحرر الأفريقية دعماً ومساندة ومناصرة بل وتحالفاً مع عدد من الأنظمة الثورية الأفريقية، وذلك لسد الفراغ الاستعماري وملئه ببديل ثوري وقطع الطريق على قوى الاستعمار وربط الدول الحديثة بالنظم الاستعمارية وحتى لا يتسلل الكيان الصهيوني إلى هذه المنطقة التي تعتبر منطقة استراتيجية للأمن القومي المصري، والذي يسعى الصهاينة إلى الوصول إليها «دول حوض النيل» لخنق مصر من ناحية الجنوب باستخدام مياه النيل وتشجيع الدول الواقعة في الحوض إلى إنشاء سدود لتوليد الطاقة الكهرومائية، وعلى حساب حصته من مصر من المياه.. لذا أصل عبدالناصر العلاقة بدول حوض النيل، وأفريقيا كاملة. رحل عبدالناصر في بداية سبعينيات القرن الماضي ورحل السادات من بعده ورحل مبارك وأتى الرئيس «محمد مرسي» بعد قطيعة مصرية مع دول حوض النيل منذ رحيل جمال عبدالناصر وحتى اليوم.. وكانت الفرصة للصهاينة ليتسللوا إلى حوض النيل ويشجعوا حركات التمرد جنوب وغرب السودان ثم يقتطعوا جنوب السودان ليعلن دولة، ثم توطد علاقتها بأثيوبيا، وأخيراً أعلن الصهاينة استعدادهم لبناء سد على النيل الأزرق لتوليد الطاقة اسمه سد النهضة الأثيوبية، مع مصادقة أثيوبيا على اتفاقية جديدة بين دول الحوض دون مصر، وهي اتفاقية انتقصت من نصيب مصر من مياه النيل عشرة مليارات متر مكعب، وتصوروا كم سيؤثر ذلك على مصر.. إنه الموت لمصر التي حتى الآن تهدد بأن خياراتها كثيرة، بما فيها الخيار العسكري وهو خيار صعب جداً.. والخيارات الأخرى السلمية قد تكون صعوبتها في قيام الصهاينة بملء الفراغ الذي تركته مصر هناك.. فإلى أين ستذهب مصر مع أثيوبيا؟!! إننا منتظرون. رابط المقال على الفيس بوك