الجماهير المصرية كغيرها من جماهير العرب المبتلاة بعواصف التغيير المحمول على جناح الآمال والأحلام العريضة تتموضع الآن في منطقة اللا مكان واللا زمان، ذلك أن حالة الطفو الغرائبي فوق العقل والمنطق تحول إلى تنين يحاصر الجميع بأذرع من جنون، والسبب في ذلك أن تلك الأحلام البهيجة أصتدمت ببورصة سياسية فاقعة الدكونة، يديرها عرّابون منتمون إلى أسوأ ما في الماضي السياسي، ويحيطون أنفسهم بجوقة إعلامية ظالة ومضللة، وبهذا القدر من الكذب والمخاتلات المفضوحة تجد الجماهير الغفيرة نفسها أمام حالة من الاستقطاب الوجداني، والحيرة العقلية، والخيبات المعنوية، فتزداد الأمور قتامة، وتنفتح الأبواب للمجرمين والصعاليك ولصوص الدواجن الاعتياديين. يزداد الانشقاق في المجتمع، ويجد الفرد نفسه في مواجهة سافرة وغير منطقية مع أقرب الناس له، وتشتد الفتن والتعصبات، ويتمترس استيهاميو الماضي في مرابع قناعاتهم الطارئة والمنافية لجوهر الأديان التي بها يتشدقون، ومعنى الاختلاف في الملل والنحل، في ذات الوقت الذي يقهقه فيه صانعو الخيبات والآلام، ممن يفرحون بدمار الوطن على رؤوس أبنائه. إذا كان هذا يحدث في مصر الأقرب إلى المجتمع المدني العصري؛ فماذا يمكننا توقُّعه في بقية البلدان العربية التي مازالت تستجر أحلامها الخابية وأمانيها الغاربة؟!. وفي المقابل ماذا يتوقّع الذين يفترضون أنهم بمنأي عن تداعيات الحال، وأن حصونهم العالية وريعهم النفطي والغازي سينجيهم من مفاجآت الدهر وعواصفه؟!. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك