من ضمن ما يجب أن يأخذه مؤتمر الحوار الوطني أثناء صياغته وبنائه وتصميمه لدولة المستقبل في الاعتبار أن يهتم في الجانب الاقتصادي (رأسمالية الدولة).. وأنا استخدم مصطلح “رأسمالية” لأنها محببة عند الكثير من الناس بدلاً من “القطاع العام” الذي كان يحارب، ويشوه على أساس أنه يعكس “اشتراكية الدولة” وهو كلام، وفهم جاهل، وضال كانت تروج له القوى الرأسمالية وقوى السوق “الخاصة” مستغلة عواطف الناس، وسذاجتهم، وتدني مستواهم الثقافي.. لإفهام العامة أن الدولة اشتراكية، والاشتراكية تعني الإلحاد، والكفر، بهدف إسقاط “القطاع العام” الذي يعد من أهم عوامل مقاومة استغلالهم، واحتكارهم، لحاجات الناس، وأيضاً طمعاً في انفراد القوى الرأسمالية بالسوق، وبالتالي ممارسة طبيعتهم التي تتلذذ في احتكار، واستغلال الناس وحاجاتهم، لجلدهم يومياً من خلال تلاعبهم بالأسعار، والمغالاة، ونهب المواطن وسرقة دخله الشهري أو لأي مبالغ تضاف على راتبه لتحسين دخله، تحت عباءة "البيع والشراء حلال، أحله الله"، ولا يذكرون ما حرم الله في ذلك من احتكار واستغلال، وتلاعب بالأسعار، والمغالاة، والجشع.. ودائماً ما يبررون ممارساتهم بأن الغلاء عالمي.. وهذا ادعاء قد يكون صحيحاً لكنه في العالم بالفلسات.. بينما عندنا تتصاعد الأسعار بعشرات، ومئات الريالات. ومع التحولات العالمية، في بداية تسعينيات القرن الماضي حين سقط الاتحاد السوفيتي، وانفردت الرأسمالية الأمريكية بالعالم وكشرت عن أنيابها، وتوحشت ضد شعوب العالم لتفرض نظامها الطاغوتي الجديد، وأي معارض أو يرفض ذلك فهو شمولي إرهابي يتم إسقاطه بالمؤامرة، أو بالتدخل المباشر عسكرياً، وهكذا سارعت معظم أنظمة العالم بالتخلي عن مسئولياتها، وتتسابق لاسترضاء الإدارة الأمريكية بالخصخصة، وبيع “القطاع العام” وبأسعار بخسة جداً، لأنه كان البيع يتم للمتنفذين بالتقاسم مقابل أسعار .. لو استعرضنا نماذج مما بيع وكم دفع ثمناً له لوجدنا أنها سرقة أكثر مما هي بيع. الآن، ونحن بصدد إعادة صياغة الدولة، وبنائها من جديد يجب أن نؤكد مسئولية الدولة الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، ونحرص على إعادة نظام “رأسمالية الدولة” كشريك في السوق، بل وقائد لكل قطاعات التنمية.. وإعادة بناء قطاع عام خال من الفساد، والعبث.. فهذا القطاع ليس اشتراكياً، بل هو قطاع توظف الدولة من خلال أموال وموارد الشعب ولصالح الشعب، والإسهام في تنمية البلد وتطوره، وحماية للأمة من الاستغلال والاحتكار.. أما تبني قطاعات عامة، ومساهمة من قبل الدولة فلا عيب بداخله، ولا شائبة، وعليه فإننا نوصي مؤتمر الحوار الوطني بالحرص على استعادة دور الدولة كقطاع عام في إدارة الاقتصاد والتنمية في البلد، وإنشاء اقتصادات مجتمعية مساهمة ليكون المجتمع شريكاً في العملية الإنتاجية، وفي عوائدها مع عدم المساس بدور القطاع الخاص على أسس وطنية. رابط المقال على الفيس بوك