كثيرة هي التحليلات السياسية التي تطالعنا بها الفضائيات والصحف والمواقع الإلكترونية حول ما يحدث في مصر، وما قد حدث بالفعل، وفي جميع الأحوال لا أحد يستطيع أن يغالط نفسه إلى الحد الذي يعتبر أن صعود مرسي إلى كرسي رئاسة مصر لم يكن بطرق ديمقراطية، فقد فاز بجدارة وعن طريق صندوق الاقتراع.. البعض ذهب في تحليلاته إلى الادعاء أن عزل الرئيس المنتخب وتكليف رئيس موقت يعبّر عن اختراع جديد في الفكر السياسي، أو النظرية السياسية.. أنها ثورة من نوع آخر. في تصوّري أن الإخوان «المسلمون» أو المسلمين كما يحلو لهم أن يسمّوا أنفسهم قد ساعدوا بشكل كبير في إنجاح إزاحة مرسي من كرسي الرئاسة... وهاهم يواصلون أخطاءهم حتى وهم في منصة رابعة العدوية؛ حيث يتواصل مسلسل الخلط بين الشرعية والشريعة. الاستقواء بالشريعة هو شكل من أشكال تكفير الآخر، وهو بالضبط نقطة الضعف الأساسية والرئيسة التي تجعل الإخوان موضع رفض وكراهية من الجميع سواء داخل مصر أم خارجها. لماذا دائماً يصرّون على استخدام مصطلح الإخوان المسلمين بهدف خلع صفة الإسلام عن الآخرين، وادعاء أنهم الممثل الشرعي الوحيد للإسلام في المنطقة وفي العالم، لماذا حتى وهم في منصة رابعة العدوية يواصلون مسلسل الخطابة الركيكة المزدحمة بالمصطلحات الدينية، وما يطرحونه إلى درجة المغالاة في التكبير والتهليل حتى لكأنك تشعر أنهم في معركة حربية ضد الكفار، وليس ضد فصائل سياسية أخرى من أبناء جلدتهم ودينهم؛ في حين أن من انتخب مرسي ليس هؤلاء؟!. لقد أخذ مرسي الأغلبية في الانتخابات الرئاسية بمشاركة كل القوى المصرية الوطنية التي لم يكن فيها هؤلاء سوى جزء بسيط.. ليس تشفياً.. ففي نظري كل المسلمين إخوان، ولا يمكن اختزالهم في جماعة دينية بهذا المستوى من الجهل بأمور الدنيا والدين في وقت واحد. رغم شرعية الرئيس مرسي كرئيس منتخب لم يمر على انتخابه سوى عام واحد؛ إلا أن جماعة الإخوان المسلمين مهما كان الحشد الذي يخرجون به يومياً إلى الشوارع يقدّمون أنفسهم كل يوم بشكل أكثر رفضاً للآخر.. وقمة هذا الادعاء أن ما حدث من تحوّل، عمليات تغيير منذ بداية ثورات الربيع العربي كان بأدوات الجماعات المتأسلمة أو بسبب خلاف على الدين، إذ لم يخرج الشباب إلى الشوارع للتظاهر أو الاعتصام من أجل استبدال السيئ بما هو أسوأ.. ولكن من أجل تأمين حياة كريمة للمواطن، تأمين فرص عمل للشباب.. ومهما كانت الأغلبية أو الشرعية، فلا يمكن الاستقواء بها لضرب الأقليات.. فمن شروط الديمقراطية الأخذ برأي الأغلبية مع احترام حقوق الأقليات. وفي واقع ما يسمّى «الربيع العربي» لا يمكن الرقص على جدلية الشرعية والشريعة بقصد إلغاء الآخر.. أو اختزال «الربيع العربي» بمنصة رابعة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك