تحاول بعض الجماعات أن تصور صراعها مع المخالفين لها بنظرة عقائدية, وترفع بعضها شعارات دينية تستعطف بها كل من يقع تحت تأثير الخطاب الديني, وهي بذلك تسعى إلى كسب شرعية لكونها قوة ظافرة يُحل لها كل ما يحرم على بقية الأطراف, وتمارس تحت هذه الشعارات أعمالاً لا تتوافق مع جوهر الأديان كأداة إصلاح وتعايش وتسامح. لقد عاش المسلمين «والعرب تحديداً» قروناً من العبودية والاستعمار الخارجي والديكتاتورية داخلياً كون لديهم شعور بالغبن والعجز جعلهم أداة سهلة لظهور أية قوى انتهازية تستغل حاجة الناس إلى الحرية, وظهرت الكثير من الجماعات والحركات التي كلها تنادي بنصرة هذا العربي المهزوم من الداخل, وتعددت الشعارات وتنوعت الممارسات التي لم تستوعب فكرة أن الانتصار بما هو غير إنساني لإعلاء شأن الإنسان لا يمكن أن يعطي نتائج تخدم الإنسان, ومثلما كانت شعارات «الإسلام هو الحل, والعلمانية هي الحل؛ كانت أيضاً شعارات تحكيم شرع الله, أو القرآن هو الحل» وكلها لم تحمل أي مدلول سوى عجز هذه الجماعات عن تحديد مشاكل الإنسان الاقتصادية وحاجته أولاً إلى إشباع حاجاته الأساسية التي تكفل له فيما بعد القدرة على تمييز برامج هذه الجماعات ومن ثم اعتناق فكر أي منها, وبالتالي ظلت هذه الشعارات الغوغائية فارغة المضمون العلمي والجوهري لكل تلك المشاكل التي أوجدت هذه المجتمعات المهزومة. إن الحرية هي أولاً في تحرير الإنسان من كل هذه المعتقدات التي قُدّمت إليه جاهزة مغلّفة بغلاف لا يسمح له أن يكشفه ليعرف جوهر هذه المعتقدات الجاثمة على العقل, ومن ثم القبول بما يقتنع به الإنسان بعد أن يتم توفير له كل احتياجاته بحيث نضمن اختياراً نزيهاً لما يراه الإنسان مناسباً لذاته, بعيداً عن أية وصاية أو إرهاب بأي شكل من الأشكال, سواء كان دينياً عقائدياً, أم فكرياً, أو سياسياً, بحيث نضمن إنساناً قادراً على تحديد مصيره ويكون مسؤولاً عن أي قرار يتخذه. رابط المقال على الفيس بوك