إن من روحانية شهر رمضان الكريم الهدوء النفسي المعتمد على قوة الإيمان وحسن التصرف في القول والفعل، فكلما كان الإنسان أكثر صبراً، كلما كان أكثر قرباً من الخالق جل في علاه، ومن المشاهد المفرحة في هذا الشهر الكريم التكافل والتراحم الذي يسود الناس، فرغم قساوة العيش وشظفه إلا أن الناس قد جعلوا من مبدأ التكافل الاجتماعي سلوكاً يتحرك على أرض الواقع من خلال التدافع الإنساني الذي يعزز الوحدة الوطنية ويقوي الروابط الإنسانية. إن المسارعة للتنافس في ميدان الخير من الأمور الدافعة نحو خير الناس كافة، فقط المطلوب في هذا الميدان التجرد المطلق من النظرة الحزبية والمذهبية المقيتة والمناطقية الضيقة لكي يكتمل فعل الخير ويؤدي رسالة التكافل والتراحم والتعاطف، ويعزز روح التسامح والتصالح، وينبغي أن تكون النية خالصة لله الواحد القهار الذي بيده الخير كله. إن المطلوب اليوم من الأغنياء بذل المزيد مما أعطاهم الله للفقراء من أجل إحداث التوازن في حياة المجتمع، لأنه لا يجوز أن يجتمع الغنى الفاحش والفقر المدقع، وأن البذل والعطاء من الأغنياء للفقراء بدون منّ ولا أذى، وأعتقد أن القائمين على فعل الخير يدركون أهمية عدم معرفة اليد اليسرى بما تنفقه اليد اليمنى والعكس صحيح، لأن هذا السلوك القائم على عدم التشهير بالفقير يخلق الألفة ويحفظ كرامة الإنسان وآدميته ويزيل آثار الكراهية. إن استغلال مدرسة الشهر الكريم لمعرفة المزيد من مزايا التكافل والتراحم والتواصل أمر بالغ الأهمية لحياة شريفة وكريمة، وقد لاحظت أساليب إنسانية تؤدي إلى الألفة والإخاء سلكها كثير من المتصدقين.. خصوصاً على الفقراء الذين يعتزون بأنفسهم الكريمة عن مد أيديهم لغير الخالق جل شأنه، وفي هذا المجال على فاعلي الخير أن يكثر من الأفعال ويقلل من الأقوال لكي يتحقق له الفوز بالمغفرة في الثلث الثاني من الشهر الكريم، ويعلو شأنه عند الله، ومن رضي الله عنه ارضى عنه الناس أجمعين، فهل من منفقٍ يجعل رضا الله أولاً وأخيراً؟ نأمل أن يكون الجميع محل رضا بإذن الله. رابط المقال على الفيس بوك