الفنان السوداني إبراهيم الصلحي المهاجر منذ سنوات المحارق والتقلُّبات على جمر الضنى، ورغماً عن الحنين المشفوع بنوستالجيا المكان والزمان، ما زال حاضراً بسخاء مستقبلي، في الزمن التشكيلي العالمي، مُتميزاً بالعطاء النابع من التَرَوْحن الصوفي السودانوي، المقرون بالمكان وتداعياته، والزمان ومدهشاته. والشاهد أن ملحمته الفنية الغنائية تترافق مع تلك الخطوط الموصولة بمعنى التمايلات الخطِّية غير النسقية في ثقافة التجريد الموشَّاة بالتنزيه، المتُخلِّية عن التجسيم.. لكن هذه المفردة بالذات تجعله يهيم في ملكوت شعريةٍ بصرية خارجة من تضاعيف الموسيقى الوجودية الرائية لمعنى الجمع في عين الفرق، ومعنى الانفصال الاتصال بين التجسيد والتجريد، مما نراه ماثلاً في أعماله الفنية الكبيرة ذات النَفَس البنائي المُتماسك، حد الاحتياط الوافر لتلك القوة البنائية المقرونة بتعددية العناصر، وتنوُّع الأنساق، لكن دونما فقدان لبوصلة الحراك الواحد في الصورة الفنية. يسافر الفنان في متوالية الزمان والمكان، ليقرن المكان باللا مكان، والزمان باللا زمان، وليعيد فكرة الابداع إلى منابع التجاوز الفعلي لمتواليتي المكان والزمان، بوصفهما قيمتين واقعيتين مقرونتين بفيزياء العناصر الظاهرة، المجافية لجوهر البهاء المُستَتِر. إنه هنا يتمسَّك بالدهر بوصفه زماناً ينفلت من زمن البيولوجيا التقليدي، ويتمسك بتلك الطيوف الإشراقية بوصفها ترميزاً لمكان ينخلع من أسر المكان الطَلَل. السفر في تناويع على الأبعاد والدلالات المحمولة على سروج الامتشاق الناعم للفن الواضح حد الوضوح، والغامض حد الشفافيَّة الماسيَّة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك