• حملات التخفيضات أصبحت أمراً مألوفاً في بلادنا خاصة خلال شهر رمضان المبارك الذي تتسابق فيه المحلات بمختلف أنواعها وتتفنّن في اختراع أجمل العبارات والشعارات للترويج لبضائعها، في محاولة منها لإيهام المستهلكين أنها تقدّم تخفيضات بالأسعار؛ بينما هي في الحقيقة ليست سوى تخفيضات وهمية، ف “لا تخفيضات ولا يحزنون”. • أغلب المحلات التجارية عندما تعلن عن تخفيضات على منتجاتها أو معروضاتها؛ فإن ذلك في حقيقة الأمر ليس سوى مجرد خداع، لأن السعر المخفّض الجديد هو ذاته السعر الذي تريده تلك المحلات أو أكثر منه، بل إن الأسوأ في العملية أن أصحاب المحلات يتخذون من هذه التخفيضات الوهمية ستاراً لتصريف منتجاتهم التالفة التي تتضمّن عيوباً في الجودة والمواصفات وبأسعار مضاعفة، مستغلين الهلع الشرائي لدى المستهلكين خلال هذا الشهر الفضيل وتحديداً في الأيام التي تسبق عيد الفطر المبارك. • المستهلك يقع ضحية لجشع وأطماع التجار المستغلين الذين يمارسون كافة أساليب الخداع والاستغلال في حقه، كل ذلك يحدث تحت سمع وبصر سواء الجهات المعنية أم تلك المفترض بها حماية المستهلك «المواطن» حيث تقف عاجزة عن اتخاذ أي إجراءات ضد من يقومون بخداع واستغلال المستهلك “ المواطن” في “عز الظهيرة وعيني عينك” وهو الأمر الذي يدفع هؤلاء التجار إلى الإمعان أكثر في المتاجرة بأقوات المواطن واستغلال حاجاته من أجل مصالحهم الشخصية. • وإذا ما سلّمنا بصحة ما تردّده الجهات المعنية من أن دورها في ظل النظام الاقتصادي القائم على حرية السوق يقتصر في الإشراف فقط على عمل السوق والرقابة على الأسعار وإلزام الجميع بها، إلا أننا سنجد أنها غير قادرة على ممارسة هذا الدور الرقابي، حيث كل الشواهد على أرض الواقع تؤكد أنها نفضت يديها عن كل ما يدور في السوق، ولا تقوم بأي إشراف أو رقابة؛ وإنما أطلقت العنان للتجار ليسرحوا ويمرحوا ويتلاعبوا بالأسعار كيفما أرادوا دون حسيب أو رقيب. • جمعية حماية المستهلك هي الأخرى لا تقدّم ولا تؤخر شيئاً، وبمعنى آخر وجودها كعدمه تماماً، حيث لا نلمس لها أي دور فاعل في هذا الجانب؛ مع أن الهدف الأساس من قيامها هو حماية المستهلك من الخداع والاستغفال والاستغلال الذي يمارسه التجار كما هو دورها المعروف والمعمول به في الكثير من دول العالم، بل إن هذه الجمعيات في بعض الدول تقارب أن تكون وزارة خاصة، فتمارس مهامها وصلاحياتها في حماية المستهلك والدفاع عنه على هذا الأساس. • في عديد البلدان عندما تُقدم بعض الشركات أو حتى المحلات التجارية بين الحين والآخر على الإعلان عن تخفيضات على منتجاتها أو معروضاتها؛ فإن جمعية حماية المستهلك تحرص كل الحرص على أن تكون هذه التخفيضات حقيقية وليست طريقة لخداع المستهلك واستغفاله وابتزازه، فتمارس الجمعية دورها الرقابي في مثل هكذا مواقف، وهي صاحبة القرار الفصل في الموافقة على هذه التخفيضات أو رفضها، حيث تقوم الجمعية بالتدقيق في السعر السابق لهذه البضائع ولما يقارب الستة أشهر السابقة لإعلان التخفيض؛ لتتأكد من أن التخفيض حقيقي وليس وهمياً، وإلا عرّضت الشركة نفسها لمساءلة قانونية وغرامة، بالإضافة إلى فضيحة الخداع التي قد تقود إلى إعلان الشركة إفلاسها بعدها، طبعاً هذا في العديد من دول العالم، أما في بلادنا فلا الجهات المعنية ولا الرقابية قادرة على اتخاذ أي إجراءات ضد التجار المستغلين وحماية المستهلك. • إن مثل هذه الممارسات الاستغلالية بحق المستهلكين «المواطنين» ما كانت لتستمر لو أن كافة الجهات المعنية تحمّلت مسؤولياتها الوطنية والأخلاقية والإنسانية ولو في حدّها الأدنى لحماية المستهلك المغلوب على أمره من الاستغلال الذي دأب البعض على ممارسته دون حسيب أو رقيب، فارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك