هي تاريخ أي شعب عبر العصور.. هي تاريخ الإنسان وتطوراته، وتحولاته.. المؤرخون يعتمدون كلية على الآثار لتسجيل التاريخ الإنساني، ومن الآثار اهتدى المؤرخون إلى تقسيم التاريخ البشري إلى مراحل، أو عصور مثل العصر الحجري، والعصر البرونزي، والتاريخ القديم، والعصر الوسيط، والعصر الحديث، ومن التعرف على آثار كل عصر تعرف المؤرخون على مميزات كل عصر سياسياً، واقتصادياً واجتماعياً، وفكرياً ودينياً، وثقافياً، وغذائياً، وعادات، وتقاليد... و... إلخ. آثار كل بلد هي ميراث غني يقرأ منه تاريخ أجداده، وآبائه ايجاباً وسلباً ويتعلم منه، ويجد فيه تجربة تساعده، وتعينه على صناعة حاضره، وتصور مستقبله.. لكن تظل النتائج حسب القراءة.. فالقراءة المتفحصة الأمينة الصادقة السليمة، الناقدة تؤتي ثمارها طيبة وحسنة، والعكس بالعكس صحيح، لو كانت القراءة غير أمينة، غير صادقة، عاطفية، غير متفحصة، غير سليمة، فإن النتائج تكون ثمارها سلبية.. إن المؤرخ حين يكتب التاريخ كتجربة بشرية يتوجب عليه أن يتجرد من العواطف، والانتماءات، ويخضع نفسه للمنطق، والموضوعية، والحيادية سواء كان يكتب وصفياً، أو تحليلياً، والأهم هو انتهاج منهج علمي في الكتابة.. على أي حال لأجل ذلك أصبح علم الآثار أحد التخصصات الجامعية، وأصبح هذا العلم موضع اهتمام الدول، وترصد له إمكانات غير عادية في التنقيب والدراسة، والاستكشاف، والابراز، واقامة المتاحف التي تعرض فيها الآثار.. وهي متاحف تنظم وتقسم إلى مراحل، أو عصور.. وتعتبر كثير من بلدان العالم حكوماتها الآثار جزءاً لايتجزأ من الأمن القومي، ووضعت حمايات للمواقع الأثرية وتوكل إلى العديد من الأجهزة الأمنية للدولة مهمة مكافحة سرقة الآثار وتهريبها خارج البلد.. ولاتدع ذلك للصدف بل تخطط، وترتب سياسات أمنية دائمة ومستمرة لذلك، بل وتعمل على التوعية لدى المواطن بأهمية آثاره، وتبذر لديه حساً أمنياً تجاه الآثار، كون الآثار تعد تاريخه وتاريخ آبائه، وأجداده الذي يتوجب الحفاظ عليه. في اليمن مازالت الآثار مطمورة، أومدفونة تحت ركام من طبقات التربة ولم يحدث أن وجدت سياسة للتنقيب عن الآثار، وكل ماحصل أن أتت بعثات إلى اليمن من أوروبا في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي كانت نتيجتها كتباً وصفية لما هو ظاهر من آثار فوق الأرض وكشفته العوامل الطبيعية.. كتب عن آثار اليمن الهمداني، وكذلك الدكتور/أحمد فخري.. وقد أضر الانسان كثيراً بتلك الآثار التي كشفت عنها عوامل الطبيعة، ودمر وخرب فيها، والشواهد على ذلك كثيرة.. على أن الاهتمام بالآثار حتى الآن في آخر اهتمامات الحكومات المتعاقبة.. إن لم يكن غائباً.. وقد افتتح قسم للآثار عند افتتاح جامعة صنعاء في بداية السبعينيات من القرن الماضي.. ولم أدرٍ إن كان مازال مفتوحاً أم لا، لأنه لايؤكل عيش لكن من تخرجوا منه وهم قلة جداً.. حين التقيهم أجدهم أصبحوا آثاراً قبل أن يحققوا شيئاً في هذا المضمار.. والفرق شاسع بيننا وبين أصغر دولة عربية مهتمة بهذا المجال.