«الحقيقة غالية جداً، لذا يجب أن نحميها بجيوش من الأكاذيب» هكذا كان يردد رئيس الوزراء البريطاني تشرشل وهي مقولة تذكرني بوزير الدعاية السياسية في عهد الزعيم النازي هتلر والذي اشتهر بعبارته الشهيرة «اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس». هذا الكذب السياسي بالنسبة للسياسي الغربي فهو في نهاية المطاف يحترم نفسه كثيراً فلا يصدق كذبه أما السياسي العربي فقد فاق السياسي الغربي في الكذب بمرحلة أنه أصبح هو نفسه يصدق كذبه بل ويذرف الدموع ًأحياناً . فإعلام الفرد الحاكم , إعلام الكذب , والتدليس , والإسفاف , قبل الربيع لم يختلف كثيراً بعده بل على العكس أصبح الباب مفتوحاً على مصراعيه لكل من امتلك جهاز بث , وكم كنبة , وكم مهرج , وظهرت أعداد مهولة لقنوات إعلامية بدعم من بعض دول الاقليم أو فلول ومنها مثلا القنوات التي تلت فوز الإخوان بالرئاسة المصرية وأصبح الأمر كما لو أن كل من لديه مشكلة مع الجماعة والإخوان قد ظهر له مارد فانوس (ملياردير نفط ) ليقوم بدعمه ماليا ًليفتح لاحقاً ( كشري ) أقصد قناة تبث على مدار الساعة سب ,وشتم , وتعبئة للإنقلاب ,ورقص حتى بأعراض الإخوان وبطريقة مبتذلة وبعيده عن المهنية ,والشفافية, ليدخل البهجة والسرور في قلب ذاك الداعم المنتفخ حقداً وكراهية لكل ما يشير للحرية والكرامة . بعد الانقلاب سقط الإعلام أكثر وأكثر ليس في عهر الكذب ,والتدليس ,والإسفاف , وحسب لكنه غرق أيضا في الدم ,والمجازر ,والانتهاكات وغدا وكأنه إعلام مافيا ,وعصابات , فبات إعلاميون وحقوقيون يشرعنون للقتل ويجتهدون في التبرير له وأحيانا كثيرة يقعون في شبهة التحريض وهذا هو المخيف ليس لأننا غير معتادين هذا السقوط الكارثة لكن أن يأتي مثل هذا السقوط الباعث على الغثيان في وضح نهار عصر التكنولوجيا ,وثورة الاتصالات , و ثورات الربيع ويناير تحديداً قلب الأمة ..فإذا كان هذا هو حال إعلام قلب الأمة فما هو حال إعلام بقية الجسد . مجزرة تليها مجزرة ولا يختلف التبرير الرسمي والذي لا يجد حرجاً من البدء دوماً بذريعة (تم اختطاف ضابط وأثناء عملية التحرير حدثت المجزرة عفوا بدأت الحرب على الإرهابيين وسقط إرهابيون والغريب أن لا ذكر لمصير ذاك الضابط وأين كان الحادث تحديداً ؟ فلا تخلو كل رواياتهم من ذات الذريعة وذات الضابط (الرجل المستحيل) . حتى حادثة ضرب الطائرة الإسرائيلية لهدف في سيناء بدا الأمر أشبه بنكتة فإسرائيل تؤكد , بينما ينكر الإعلام المصري والجيش , وكذلك حادثة مقتل المجندين في سيناء اختلفت الرواية الرسمية فتارة قتلوا وهم يستقلون الحافلة ذبحاً بعد إطلاق النار عليهم , وتارة قتلوا وهم يستقلون سيارة تابعة للأمن المركزي بقذائف صاروخية. حتى نحن وبسبب نشأتنا على هكذا إعلام أصبحنا نروج لشائعاته وبدون وعي فعند بزوغ نجم أي مجرم جديد في الأمة يجتهد البعض ويسارع في إرجاع أصوله إلى أم يهودية وكأننا نبحث له عن مبرر يسهل علينا مذاق خيانته، حقيقة لم اعد أؤمن بحتمية أن كل خائن عربي لابد أن تكون له أصول إسرائيلية لكني أؤمن بحقيقة المال ولاشيء غيره فوحده من يجعلهم في ثوانٍ يهوداً , أو سنة , أو شيعة , أو حتى عبيداً للشيطان نفسه ولا ننسى أن (أبو لهب) كان عم خير الخلق المصطفى عليه الصلاة والسلام . بعيداً عن كل هذا الجنون,والتشفي مازلت أرى أن كل الحلول مطروحة بعيداً عن بيادات العسكر وفوهات البنادق ومازلت أؤمن وسأظل أن كثيراً من الحب والقبول سيجعل بإمكاننا العيش على مختلف أفكارنا, ومذاهبنا ,بل وسيكون هناك أيضا متسع للمزيد !! رابط المقال على الفيس بوك