ما تزال القنوات الفوضائية العربية في تزايد مستمر بالرغم من ارتفاع تكاليف الإنتاج وانخفاض عائدات الإعلانات .. وما تزال مسألة دعم هذه القنوات وتمويلها مثاراً للتساؤلات .. لكن المؤكد أن الأهداف والغايات من إنشائها غير نبيلة حيث تخدم مصالح أرباب الدعم والتمويل سواء داخل أو خارج الحدود العربية .. ويمكن إدراك تلك الأهداف التي تأتي في إطار الغزو الفكري والثقافي الموجه إلى الشعوب العربية والإسلامية .. وتعمل على تحقيقها مئات القنوات الفوضائية الجاثمة على السماء العربية لتحصل مقابل ذلك عبر العديد من المصادر المشبوهة على مكاسب مادية .. فالمهمة الأساسية لتلك المصادر هي تمويل القنوات المتخصصة في إثارة الغرائز عبر الأفلام الإباحية .. والأغاني الهابطة التي لا صلة لها البتة بالقيم والمبادئ الأخلاقية .. وقنوات (الموضة) الغربية والأزياء الفاضحة ، وبرامج الشعوذة والخرافة والدجل ، وقنوات إثارة الفتن الطائفية والمذهبية والسلالية أو العرقية .. ومن المصائب الكبيرة لأولئك المفسدين أنهم أوكلوا مهمة إفساد أذواق عامة الناس كباراً وصغاراً لمن يطلق عليهن تجاوزاً تسمية مطربات .. وما هن في الحقيقة سوى راقصات ينتمين إلى العصر الجاهلي ، إلى جانب بعض المتشبهين بالنساء الذين يتمايلون كالراقصات .. ومن أخطر وجوه هذه المهمة هو استغلال الأطفال لترويج الرداءة وتلك ظاهرة خطيرة على مختلف المستويات .. فلم يكتف أولئك بتقديم جرعات كبيرة من الفساد والعبث بواسطة الفاتنات شبه العاريات .. بل عمدوا إلى إقحام الأطفال للظهور بجانب بعضهن وبعض المتشبهين بهن مستغلين براءة وجوه الأطفال وحركاتهم الطفولية للترويج لما يقدمونه من إسفاف وعري وما لايليق من الحركات .. وذلك لغرض شد انتباه المشاهد إضافة إلى استغلال كل حركة وسكنة لدغدغة الغرائز دون ذرة من خجل أو حياء .. وبالطبع لا علاقة للأطفال الأبرياء الأنقياء بتلك الرداءة والعري وفواحش الألفاظ والحركات وعرض اللاأزياء .. فالطفل في مختلف مراحله العمرية يحتاج إلى ما يهذب وجدانه ويحترم قدراته العقلية ، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تقديم أعمال فنية ذات مضامين قيمة .. تتسم بالموضوعية والاتزان وقدر كبير من التهذيب في سبيل تمثل القيم الأخلاقية ، وتنمية المعارف الحياتية بأساليب محببة وحكيمة .. ليس على غرار ( بوس الواوا ) أو ( واوا أحْ ) وغيرها من عبث الفاتنات اللائي لم يسلم من مصائبهن الأطفال أحباب الله سواء المشاركين أو المشاهدين لتلك المهازل .. كل ذلك يؤكد إصرار قوى الشر على التغلغل إلى أذهان وعقول الجيل العربي لإفساد القيم وتدمير المبادئ السامية ، وتمزيق النسيج المجتمعي للإنسان العربي بشكل كامل .. والتركيز بوجه خاص على مسخ أخلاق الأطفال والشباب وتسطيح التفكير لديهم بشتى الوسائل .. فأين الدور الإيجابي للوسائل الإعلامية الوطنية والمؤسسات الثقافية العربية المتعددة ..؟ وماذا أعدت لمواجهة هذا العبث ، وماهي البدائل التي يمكن أن يجدها المشاهد صغيرالسن أو كبير السن من البرامج والأعمال الفنية الممتعة والمفيدة حتى ينصرف عن مشاهدة الفوضائيات الفاسدة المفسدة ..؟ وهلاّ تنبهنا وصحونا من غفوتنا ومن حالة التبلد التي أصابت مجتمعنا العربي قبل فوات الأوان لنتمكن من التصدي لتلك الأخطار .. فالمسؤولية مشتركة تتصدر تحملها الجهات المسؤولة عن الشؤون الإعلامية والثقافية ، والحكومات العربية ، وجميع أفراد المجتمع العربي في كافة الأقطار .. وقانا الله العزيز الجبار وحفظ أطفالنا وشبابنا من شر ذلك الفساد الفضائي الفوضائي الذي يقتحم حياتنا ليل نهار . [email protected] رابط المقال على الفيس بوك