أيام قليلة ويختتم مؤتمر الحوار الوطني أعماله؛ الذي يرى فيه الشعب اليمني ولايزال أنه نقطة الضوء التي سوف يهتدي من خلالها إلى طريق الصواب التي ستجنبه المزالق والأخطار التي وقعت فيه بعض الشعوب العربية كما نرى ما يدور في مصر وسوريا وتونس والعراق وليبيا؛ لأن العقل جانب الصواب في هذه البلدان فسلك الطريق الذي لا يخدم الأهداف العامة لهذه الشعوب بالرغم من إدراكها ذلك لكن الإصرار المسبق لذلك وشهوة السلطة قد جعل من الوطن سكناً وليس وطناً كما يقولون؛ فها هو أمام أعيننا جميعاً نرى حضارة بنيت وشيدت على مدى عشرات السنين تدمّر في لحظات، عشرات الآلاف من القتلى والجرحى دون أن يسأل أحد نفسه لماذا كل هذا الدمار والقتل، وهل هناك ما يبرر كل هذا الجنون فكل يدّعي الحق المطلق فيزداد عناد وشراسة من أجل تحقيق هذا الاعتقاد مهما كان ذلك من ضياع للوطن والنتيجة الكل منهزمون ومغلوبون فخسروا الوطن الذي استظلوا بسمائه وشربوا من مياهه وأكلوا من خيراته؛ احتضنهم وكفاهم شر الغربة والسؤال، وجعل منهم كباراً وهم في حقيقة الأمر صغار ولا يستحقونه بفعل أفعالهم التدميرية والتخريبية له، لذلك أقول إن اليمن قد أثبتت للعالم أن الحكمة يمانية وقد تجلت الحكمة بخروج اليمن مما دار فيها بأقل الخسائر قياساً بالبلدان الأخرى، فالتزمت الحوار وهو الأسلوب الحضاري الأمثل لحل المشكلات المنتصبة أمام مكوّناته السياسية والاجتماعية المختلفة، فكان مؤتمر الحوار هو الإطار السليم والجامع لكل اليمنيين دون استثناء، وخلال الستة الأشهور الماضية منذ اليوم الأول لانعقاده والشعب اليمني يتابع ويرقب أعمال المؤتمر لحظة بلحظة؛ لأن بنجاحه نجاح للإرادة اليمانية والحكمة اليمانية التي تميزنا بها عن الآخرين، ومن خلال المؤشرات والتصريحات المطمئنة بنجاح أعمال المؤتمر والذي سيحدد شكل الدولة وعلاقة المركز بالأقاليم المقترحة والتزام الوضوح والشفافية في أعمال المركز والأقاليم إدارياً ومالياً وكل ما يتعلّق بالنشاطات اليومية التي ستدار بها الدولة الجديدة، صحيح أننا لا ننكر هنا أن هناك مازالت بعض المعوقات خصوصاً فيما يتعلق بالقضية الجنوبية وقضية صعدة إلا أننا متفائلون أن المصلحة الوطنية العليا هي التي ستنتصر في النهاية لأنه لا أحد يريد إفشال أعمال هذا المؤتمر فبفشله فشل للوطن برمته ونتائج ذلك ستكون وخيمة لا قدر الله، وما يزيد من تفاؤلنا هو أن الحكومة قد بدأت بتنفيذ النقاط المطروحة الخاصة بالقضية الجنوبية وهي النقاط الواجب تنفيذها حتى يزول كل ما علق بالنفوس وكان أول هذه الخطوات اعتذار الحكومة، وهذا الاعتذار له ما له من تبعات مادية ومعنوية، وهذا سوف يعمل على جبر الضرر لتظل الوحدة كما أردناها نقية ونظيفة بعيدة عن أساليب الفيد والتعالي والإقصاء كما كان في الماضي والذي أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم، وإذا أردنا أن نبني دولة مدنية حديثة فلابد من الابتعاد عن مراكز القوى سواءً كانت قبلية أم عسكرية، فمثل هذا الاستقواء قد ولّى زمانه ولا يمكن لأحد أم يقبله. رابط المقال على الفيس بوك