يتحدث الناس كثيراً عن محافظ تعز كما لم يتحدثوا عن محافظ من الذين سبقوه، ولا تزال الذاكرة حافلة بصور الحماس المنقطع النظير التي عبرت بها الهيئات والمؤسسات عن ترحيبها باختيار أحد رجال الأعمال لمنصب محافظ تعز وذلك لأنهم قد خبروه زمناً طويلاً فوجدوه أكثر رجال الأعمال إخلاصاً في تعامله مع قضايا الشباب وتشجيع الرياضة والرياضيين إلى جانب مشاركته في الإنفاق بسخاء في أوجه الخير المتعددة انسجاماً مع توجيهات أسلافه وشركائهم. يقول الكثيرون إن قبول شوقي أحمد هائل لمنصب (محافظ تعز) لا يخلو من تضحية، لأن ذلك من شأنه أن يصرفه عن متابعة أعماله ومصالحه وهناك تعليلات كثيرة لقبول هذا المنصب الخطير في وقت أشد خطورة.. هناك من يقول إن ثقة شوقي كانت كبيرة بوعي سكان المحافظة وصلاحهم وحبهم لمحافظتهم أكثر من حبهم لمصالحهم الذاتية وانتماءاتهم الحزبية أو القبلية وقد وقر في نفسه حب تربيته المتوازنة وأخلاقه الراقية أن أهل تعز سوف يبادلونه محبة فوق محبته لهم وثقة تفوق ثقته بهم ووقوفاً معه ليتيحوا له فرصاً ثمينة في إقامة المشاريع وتنفيذ برامج التعليم والتنمية وغيرها حتى تظهر تعز للرائين جوهرة اليمن وعروس الجبال والتلال والوديان وزهرة الجنوب والشمال.. قال آخرون : لقد قبل المنصب لاعتقاده الراسخ أن سكان تعز قد بلغوا من النضج ما يؤهلهم أن يشكلوا جبهة واحدة صلبة ضد الأخطاء والانحرافات التي ورثتها المحافظة بسبب الإدارات الهشة التي تعاقبت على المحافظة، فقد كان معظم المحافظين يفكرون بعقلية التاجر الذي يريد أن يضمن أكبر قدر من الربح قبل مغادرته ديوان المحافظة فلم يهتموا بشئون المحافظة إلا بالقدر الذي يحقق مصالحهم أما شوقي أحمد هائل فالاعتقاد راسخ في أذهان الجميع أنه جاء ليعطي وليس ليأخذ فقد أغناه الله عن أي حاجة أو فائدة يحصل عليها من المحافظة. كما أن الكثيرين من الذين آزروا المحافظ الجديد كان يملأ تفكيرهم الاعتقاد أن الحياة وحب الله والوطن مازال يحتل موضع الصدارة في الأهداف الحزبية والقبلية بحيث تمنع أي طغيان لهذه الجهات أو غيرها ضد المصلحة العامة للمحافظة وأن الجميع سوف يتعاملون مع المحافظ وفق معايير أخلاقية وضوابط قانونية وشرعية وأن لهذه الجماعات في جميع الساحات السياسية والثقافية والاجتماعية من “الأصل” والأعراف والتقاليد ما يمنعهم أن يغرروا بالناس ويخدعوا الشباب ليحركوهم ضد المحافظ الذي جاء في الأساس لكي يجد حلولاً عملية لمسألة الفقر والبطالة وسوء الأخلاق ورداءة التربية التي جعلها الذين حكموا اليمن ثقافة مجتمعية نشأت عليها الأجيال منذ سن طفولتهم الأولى. إن المعضلات التي تواجهها مدينة تعز من الكثرة بحيث لا يمكن حصرها في مقال، يأتي في مقدمة هذه المعضلات: المواصلات الداخلية، فقد صار من المتعذر على المواطن أن ينتقل بسهولة من منطقة إلى أخرى بسبب زحمة السيارات من كل الأنواع والأحجام والألوان تتنافس من أجل الوصول إلى نهاية الطريق فلا تستطيع ذلك بسبب كثرة التوقف للباصات “الدباب” بدون ضابط يضبطها فالمسألة متروكة لمزاج “سواق الحافلة” الذي يجد نفسه هو سيد الموقف إن شاء توقف وإن شاء تحرك، إن شاء يتجه يميناً أو شمالاً “هو حر”، لا يوجد نظام يلزمه ولا عرف يقيده ولا أخلاق تشعره بالحياء أو دين يجعله يشعر بالخوف من الله إذا هو تسبب في تعطيل حركة المرور وهكذا يستطيع من يسوق الحافلات الصغيرة ومعظمها “خردة” أن يتسبب في تعطيل حركة المرور دون وازع من أخلاق أو تربية حسنة أو خوف من قانون.. فإذا أضفنا إلى هذا الوضع البالغ السوء، وضع الزحام والتعطيل الذي تسببه الدراجات النارية التي أخذت على عاتقها إرباك حركة المرور ليس فقط بسبب كثرتها وتحركها في كل الاتجاهات وإنما أيضاً بسبب سوء أخلاق أصحابها من أطفال الشباب ومن شباب الأطفال ومن المعتوهين والمخزنين ومتعاطي الحبوب والمخدرات فيجتمع البؤس والضنك على الناس، بؤس على بؤس وضنك على ضنك، فهل بعد هذا كله تتوقع اليمن أن تصلح أمورها ويبدع طلابها في مدارسهم ويخلص الموظفون في مكاتبهم وقد مروا بهذه المحن المتتالية، كيف يمكن الإنسان أن يرتب أمور حياته في بيته أو مكتبه وهو مشتت التفكير، لا يأمن على نفسه أن يصل إلى وظيفته في الصباح ولا يضمن عودته معافى إلى بيته، ليس ذلك وحسب ولكن كيف يأمن الإنسان على أولاده وبناته في ذهابهم إلى مدارسهم وعودتهم منها؟ كيف يمكنه التركيز وفكره مشتت؟ لقد غاب عن أذهاننا جميعاً تأثير السنين العجاف التي ظننا فيها الشحم فيمن شحمه ورم غاب عن ذهننا أن الشباب في جميع الساحات قد تشربوا ثقافة مجتمعهم المتخلفة التي تجد دولة ترشدها أو توجهها فكانت شخصياتهم انعكاساً لحقيقة ثقافة مجتمعهم التي استقاها بصلاحها وفسادها وبخيرها وشرها. وقد علمنا أن الثقافة الإسلامية هي الثقافة التي تغذى الروح وتبني الفكر وتهذب الأخلاق وتقوم المسار، وتجعل الإسلام بعقائده وقيمه ومبادئه وأخلاقياته وأحكامه الفقهية والتشريعية، هو الحاكم الذي يحكم حياة الفرد والمجتمع والأمة ويضبطها ضمن الإطار الذي يحقق الهدف الذي خلق الإنسان من أجله.. “ثقافة الروح أ.د. سارة بنت عبدالمحسن” ونسأل هذا السؤال العجيب: أما كان الأجدى والأجدر بمن يحركون الشباب لإحداث الشغب والهدم والتدمير أن يزرعوا في نفوسهم وعقولهم ثقافة المحبة لله ورسوله وللوطن ولكافة الناس بدلاً عن ثقافة الكراهية وزرع أسباب الخلافات. إن اليأس هو صفة العاجزين ولا نريد لأنفسنا أن يستبد بنا حال اليائسين.. يقول نبينا صلى الله عليه وسلم: «إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فليزرعها».. لا يوجد مكان لليأس في الثقافة الإسلامية الحقيقية وعندما يعبر البعض عن مشاعر الأسف على محافظتنا العزيزة في أنها لولا أن تآلب الحاقدون عليها لكان بإمكان المحافظ أن يفعل الشيء الكثير من أجلها.. ونحن نقول: مازال بإمكان المحافظ أن يفعل الشيء الكثير والكبير من أجل تعز.. هناك الكثيرون من يكيدون لتعز وللمحافظ ولكن هناك أيضاً الأكثر من يقفون مع المحافظ ويملكون كل إمكانيات الصمود في دعمه لتنفيذ كل المشاريع الحيوية التي تحتاجها تعز يأتي في مقدمتها توفير الماء ثم الكهرباء وحل المعضلات التي تسببت في خنق المدينة.. فتعز مدينة مخنوقة تماماً. إذا لم يتم إيجاد بديل للباصات الصغيرة من فئة دباب وإيجاد بديل للدراجات النارية فسوف تتفاقم المسألة إلى حد لن يكون بإمكان الطلبة أن يصلوا مدارسهم ولا الموظفين أن يصلوا مكاتبهم وقد حان الوقت أن تقام جسور في أماكن متعددة وحفر أنفاق في أكثر من مكان لكي نستطيع فك الاختناق الذي صار حديث الناس، لكن اليأس قد ملأ قلوبهم في أننا نستطيع أن نجد الحلول العاجلة والناجعة وكأن عقولنا قد برمجناها منذ زمن بعيد أن لا تبدع أبداً أبداً وكأن عقولنا بإمكانها أن تخطط كيف تهدم فقط أما كيف تبني أو تبدع فذلك من سابع المستحيلات؟؟! إن بإمكان محافظ تعز أن يعمل الكثير من أجل محافظته خصوصاً إذا وجد أمامه العقول النيرة والنفوس الخيرة والضمائر الحية من الذين يحبون بلادهم ويخشون الله ويرجون رضوانه. رابط المقال على الفيس بوك