أسلفنا الحديث بالأمس عن نظرات يوحنا الناصري القيامية، وتلك التي قال بها الفلكي المثير للجدل نوستراداموس، واليوم نواصل ذات الحديث عطفاً على كتاب (البداية والنهاية) لابن كثير، وما يتعلق منه بعلامات الساعة الكبرى والصغرى. وقد أرجع ابن كثير ما ذهب إليه إلى الرسول الكريم محمد (ص)، ويمكن مراجعة الإشارات النبويَّة الخاصة بعلامات الساعة الصغرى والكبرى. والمدهش حقاً ما يتعلق منها بالمعركة الكبرى التي يحددها ابن كثير في المنطقة ما بين حلب وأنطاكية (سوريا وتركيا الحاليتين)! نأتي أخيراً وليس آخر على (كتاب الظهور) الذي يعتمده الشيعة المسلمون، وهو في الغالب الأعم مُجيَّر على سرديات دائرية، قيل إنها من فاطمة عليها السلام، وهي سرديات مَلحميَّة، تصف لنا معارك شاملة، تتمدَّد في الجزيرة العربية والشام، وتنخرط فيها أُممٌ كثيرة، وتُمهد لظهور الإمام الغائب، الذي سيهزم عدوان المعتدين .. لكن متوالية الحروب النبوئية في كتاب الظهور، يختلط فيها المكان المحدد بالمكان العالمي، وتنطوي على قدر كبير من الغوامض والمقترحات السردية الأقرب إلى الميثولوجيا الاغريقية على عهد هوميروس. أحببت الكتابة عن هذه الحقائق المخلوطة بالاستيهامات، لوجود من يعتقدون بها في هذا الزمان، فالأنجليكانيون الخارجون من رحم البروتستناتية التاريخية الأكثر تشدداً وانغماساً في نظرية (الاصطفاء العِرقي)، يعتقدون ذلك، وها هو الراحل “ريجان” ونسخته الأحدث “بوش الإبن” يصرحون جهاراً نهاراً بأنهم على موعد مع المعركة الكبرى في (هرمجدون) ليتمثَّلوا إرادة الله الذي شاءَ أن يكون ذلك!!.. وبالمقابل ها هم بعض من المؤمنين بفقه الشيعة الجعفرية الإثنى عشرية ينتظرون الإمام الغائب .. الذي لن يظهر إلا بعد حروب طاحنة وويلات عظيمة. وهنالك طوائف أخرى أكثر حدة وشراسة في الاقتناع بهذه التوقُّعات، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الطائفة (المرمونية) الصغيرة بالولايات المتحدة، والتي تقدم نفسها كطائفة من الطوائف المسيحية، لكنها إلى ذلك تلتزم بنمط (تطهري) خاص في حياتها، فتقاليدها العائلية مختلفة، وشرائعها الحياتية توراتية حتى مخ العظم، ونظرتها للعلاقة مع الآخرين أقرب ما تكون إلى بعض الطوائف اليهودية الأكثر تجذراً في تعاليم العهد القديم. ومن المفارقات التي أرعبت المراقبين حول هذه الطائفة بالذات، لجوء الجمهوريين لترشيح منافس رئاسي مروموني في الانتخابات الأولى للرئيس الحالي باراك أوباما. يومها وضع العليمون بدهاليز الملل والنِحل أكفهم على صدورهم، مُتمنين من الله أن ينصر أوباما في المعركة الرئاسية، وأن ينهزم المرشح الجمهوري المورموني، وهذا ما كان. مقطع القول.. إن استعادة هذه التوقعات التي اتَّسمت حيناً بالنبوءات، وأُخرى بالافتراضات الغامضة، ليست محل نظرنا الخاص في هذه التناولة، بل الخوف كل الخوف من ذلك النفر الذين يعتقدون بهذه الرؤى والتوقعات، دونما تمحيص ونظر.. خاصةً عندما تكون تلك (القناعات الإيمانية) صادرة عن اجتهادات بشرية محضة، وتختلط فيها الأوهام بالتخريجات الضبابية، ويتبنَّاها بعض كبار القادة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك