حين يجتمع عدم الشعور بالمسؤولية من الطبيب وغياب الرقابة من قبل وزارة الصحة؛ نقف أمام الكثير من الحالات البائسة التي خلقتها الأخطاء الطبية لتكون النتيجة عاهة مستديمة أو الموت الذي يعتبر أحياناً «أخف الضررين»..!!. انعدام المؤهل وقلّة الخبرة والكفاءة لدى الدخلاء على المهنة وسوء التشخيص الطبي الذي يتجلّى بوضوح من خلال التباين بين نتائج الفحوصات التي تختلف من مختبر إلى آخر، وإلى جانب تداخل الصلاحيات التي تقف وزارة الصحة عاجزة أمامها من قبل مديري المكاتب في المحافظات ومديري المديريات التابعين للمجلس المحلي الذي يقوم بمنح تراخيص لمستشفيات ومراكز صحية تفتقر إلى أبسط الأجهزة التي لا تؤهلها حتى لفتح عيادة؛ ولكن في ظل اللا مبالاة والتسيُّب والتهاون يمنحون التراخيص لتكون هذه العشوائية سبباً رئيسياً لكل هذه الأخطاء الطبية الفادحة, فما أسمعه من تفاصيل موجعة لبعض الحالات يجعلني أقف مذهولة العقل ومصدومة المنطق, فلا أملك حينها سوى أن أصف من لا يملكون من المهنة سوى اسمها؛ ولا يكتسبون من الخبرة سوى الصدفة «أنهم ملائكة العذاب» في حين أن الرحمة لم تعد موجودة في قلوبهم النابضة بالربح المادي الذي طغى على الإنسانية, فظهر ذلك في رداءة المهنة وأحياناً انعدامها لترتسم المعاناة بشكل مكتمل عندما لا يستطيع الضحايا الاتكاء على قانون المساءلة الطبية؛ لأن البراهين والأدلة القاطعة التي تثبت العمدية في وقوع الضرر تكون شبه مستحيلة الإثبات, لذا كثير من القضايا التي تصل إلى المحاكم تكون نهايتها معروفة مسبقاً بأنها لصالح الطبيب, ليبقى المواطن في جميع الحالات هو الضحية في وطن بالوساطة والمحسوبية والفساد, يمكن أن يصبح فيه مدرس كيمياء طبيباً يُمنح ترخيص مزاولة مهنة دون التأكد من مؤهلاته العلمية التي يملكها تحت مبرّر أنه أجنبي, ونحن شعب فيه عقدة الأجنبي؛ أو أنه مُوصى عليه من قبل المسؤول أو الشيخ..!!، وطبعاً ليس للمواطن البسيط خيارات متاحة, فلا يملك الترف الكفيل بعلاجه في الخارج, عليه أن يكتفي بتلك المستشفيات التي عنوانها البارز “الموت.. أخف الضررين”..!!. بقايا حبر: من وجهة نظري أن الاقتناع بوجود المشكلة يعتبر الجزء الأكبر في الحل, لذا البداية تكمن بخطوة بسيطة وإن كانت مستحيلة؛ إلا أنني سأقولها: «إنه إذا مرض وزير الصحة؛ فعليه أن يتجه إلى أحد المستشفيات في داخل الوطن..!!». [email protected]