دائماً ما نسمع عن الأخطاء الطبية التي تفترس المرضى بعد أن كانوا قد وضعوا كامل ثقتهم وحياتهم بين يدي الطبيب للحصول على أفضل علاج بكل أمان وسلامة، وأدى الإهمال والتقصير وقلة الخبرة وانعدام الكفاءة المؤهلة وغياب الجانب الإنساني بعد أن غلبت التجارة والربح على مهنة الطب، وانعدام الرقابة والجزاء والاستهتار بحياة المرضى، إلى ارتكاب أخطاء طبية فادحة تتسبب في مضاعفات خطيرة للمريض وأحياناً مميتة، فيا ترى كم من مريض ذهب ضحية اللامبالاة والتقصير ودفع حياته ثمناً لأخطاء الآخرين ؟!! هذه المرة كان الضحية هو العم شهاب صالح غالب (54 عاماً) من سكان منطقة العيدروس بمدينة كريتر، مواطن يمني بسيط أراد الحصول على عناية ورعاية طبية متكاملة لضمان علاج أفضل، فلجأ إلى إحدى المستوصفات التخصصية الخاصة والقريبة من مدينته، وبعد معاينة الطبيب قرر إجراء عملية إزالة البواسير بتاريخ 26/8/2007م وتم الاتفاق على أن يجري العملية نفس الطبيب المعاين ، وبعد الانتهاء من إجراء العملية تفاجأ العم شهاب أن من قام بها طبيبة أخرى من دون إعلامه بذلك مسبقاً. وبعد العملية مباشرةً بدأت معاناة العم شهاب مع الآلام الشديدة حتى هذه اللحظة يعانى الأمرين ؛بسبب خطأ طبي فادح أدى إلى تضييق فتحة الشرج وإتلافها، ورفضت جميع المستشفيات والمراكز الطبية علاجه وعاد مجدداً إلى نفس المستوصف الذي أجرى العملية فيه، وللمرة الثانية استغل ذاك المستوصف قلة ثقافة العم شهاب في المجال الطبي وقرر إجراء عمليتين لتصحيح الخطأ الطبي الأول دون اعتبار لمبدأ «إذا لم تستطع المساعدة فلا تلحق المزيد من الضرر والأذى بالمريض»، وفي غضون أربعة أشهر كانت قد أجريت للعم شهاب ثلاث عمليات نجم عنها مضاعفات وازدادت حالته سوءاً، والأدهى هنا هو ظهور الحقيقة المروعة فقد اتضح أن الطبيبة التي تعمل في المستوصف وسبق لها إجراء العملية الأولى للعم شهاب وتسببت في الخطأ الفادح هي في الأساس مجرد مدعية وتحمل شهادة جامعية مزورة ولا تمتلك ترخيصاً لمزاولة مهنة الطب، وبالرغم من عدم امتلاكها لترخيص إلا أن المستوصف قبل بها كطبيبة وأوكل إليها أرواح الناس لتفعل ما تشاء في سبيل الكسب المادي! الضرر الذي ألحق بالعم شهاب واليأس من استمرار العلاج على نفس المنوال ولعدم استطاعته المادية للسفر إلى الخارج لإصلاح ما أفسده الجزارون، جعله يلجأ للقضاء كمحاولة منه للبحث عن ساحة للعدل والإنصاف، في حين أن العشرات من المرضى ممن ترتكب في حقهم أخطاء طبية يكتمون الأمر ويرفضون الإبلاغ عنها ربما لقناعاتهم أنهم لن يستفيدوا شيئاً من ذلك، لعدم وجود نظام صارم لمحاسبة الطاقم الطبي المسؤول، وما يسر فعلاً أن العم شهاب ما يزال يناضل في ساحة القضاء ولم يصمت إزاء ما ارتكب بحقه حتى يتم إنزال العقاب المناسب لكل من تسبب في تدهور حالته الصحية ويكون رادعاً لهم ولأمثالهم أملاً أن تعود حالته كسابق عهدها. في قضية العم شهاب حيث أصبح الطب مهنة من لا مهنة له .. من هي الأطراف التي تتحمل هذا الخطأ، ومن منهم يستحق الحساب؟ هل نُحاسب مدعية الطب التي زورت شهادة جامعية وأجرت العمليات ولا أحد يعرف أين هي الآن ؟ أم سيُحاسب المستوصف الذي لم يكن أميناً على أرواح الناس وسعى للربح المادي؟ أم سيقع اللوم على وزارة الصحة العامة التي تركت الحبل على الغارب؟ وأين دور نقابة الأطباء اليمنيين؟؟ ولماذا لا يتم تفعيل القوانين ؟ ونسأل أيضاً: لماذا القضاء لا يبتّ بسرعة في قضية أضرارها واضحة للعيان وجُمعت لها التقارير الطبية وكافة الأدلة والوثائق المطلوبة؟