ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    الإنتقالي يرسل قوة امنية كبيرة الى يافع    مغالطات غريبة في تصريحات اللواء الركن فرج البحسني بشأن تحرير ساحل حضرموت! (شاهد المفاجأة)    "قديس شبح" يهدد سلام اليمن: الحوثيون يرفضون الحوار ويسعون للسيطرة    في اليوم 202 لحرب الإبادة على غزة.. 34305 شهيدا 77293 جريحا واستشهاد 141 صحفيا    "صفقة سرية" تُهدّد مستقبل اليمن: هل تُشعل حربًا جديدة في المنطقة؟..صحيفة مصرية تكشف مايجري    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    فشل عملية تحرير رجل أعمال في شبوة    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    إلا الزنداني!!    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    البحسني يشهد تدريبات لقوات النخبة الحضرمية والأمن    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    الشيخ الزنداني رفيق الثوار وإمام الدعاة (بورتريه)    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    لابورتا يعلن رسميا بقاء تشافي حتى نهاية عقده    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    "جودو الإمارات" يحقق 4 ميداليات في بطولة آسيا    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    المجلس الانتقالي بشبوة يرفض قرار الخونجي حيدان بتعيين مسئول أمني    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    اشهر الجامعات الأوربية تستعين بخبرات بروفسيور يمني متخصص في مجال الأمن المعلوماتي    رئيس الاتحاد الدولي للسباحة يهنئ الخليفي بمناسبه انتخابه رئيسًا للاتحاد العربي    تضامن حضرموت يظفر بنقاط مباراته أمام النخبة ويترقب مواجهة منافسه أهلي الغيل على صراع البطاقة الثانية    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    رئيس كاك بنك يبعث برقية عزاء ومواساة لمحافظ لحج اللواء "أحمد عبدالله تركي" بوفاة نجله شايع    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    مليشيا الحوثي تختطف 4 من موظفي مكتب النقل بالحديدة    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    مع الوثائق عملا بحق الرد    لحظة يازمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أطباء 'تك آوي'.. مرضى تحت رحمة المستشقيات الخاصة
نشر في سبأنت يوم 27 - 02 - 2010

باتت الخدمات الطبية في المستشفيات الحكومية متواضعة، سواءٌ من قلّة الأسرّة المتاحة، أو من طول فترة المواعيد المُخصصة للمُراجعات، فبعضها يصل لعدة أشهر أحيانا، دون اعتبار لحاجة المريض لرعاية مستمرة وعاجلة، كمرضى السكر والضغط وحتى القلب، وهو ما استغله غالبية الأطباء ممن هم متعاونون مع مستشفيات خاصة أو لديهم عياداتهم المسائية، إذ بات بعضهم يعمل بربْع ضمير صباحا في المستشفيات الحكومية، وبثلاثة أرباع الضمير مساءً في المستشفيات الأهلية وعياداتهم، حتى إن بعضهم فقد ماء وجهه، ولا يتردد في الاقتراح على مرضاه بخدمة "خمس نجوم" في عيادته بالمستشفى الخاص، وهو ما يردده العديد من المرضى المترددين على المستشفيات الحكومية، والذين يحصلون على مواعيد طويلة لإجراء بعض العمليات رغم حاجتهم لها في أقرب وقت، متعذّرين بمقولة: "لا أملك تقديم الموعد في المستشفى الحكومي بسبب كثرة المراجعين وقلّة الإمكانيات".. المسألة التي لا تُغتفر وينبغي أن تضع لها وزارة الصحّة حدا..
الدولة -رعاها الله- لم تبخل ولم تقصر.. فقد اعتمدت المليارات من أجل أن تقدّم خدمات طبيّة مميزة للمواطن، وبنت المستشفيات والمراكز الطبية. ولكن -مع الأسف- هناك حلقة مفقودة بين القائمين على الرعاية الطبية والعاملين في هذا المجال الإنساني الراقي في هذه المستشفيات والمراكز الصحيّة ووزارة الصحّة, وكأنّما أعطى البعض منهم الضمير إجازة..
أما المستشفيات الخاصة، فللأسف تحول معظم أطبائها إلى نصّابين ومصاصي دماء، يثقلون كاهل المرضى بتحاليل وفحوصات لا داعي منها، لتزيد نسبتهم مما يحصلون عليه من كل "رأس" يكشف لديهم، ويتم هذا باتفاق مسبق بين الطبيب وصاحب الصيدلية والمختبر..، وبعد هذا يأتي دور الأدوية التي تُصرف له بداعٍ ومن غير داعٍ، حتى تزداد النسبة.. والمصيبة الكبرى أنه بعد أن يخسر المريض دم قلبه احتمال حصوله على تشخيص سليم وسُرعة في الشفاء مشكوك فيه، أما إذا كان نصيبه التدخّل الجراحي فمسألة نجاح العملية وخروجه منها حياً يُرزق من عدمه مسألة غير مضمونة، وتعتمد على دُعاء الوالدين...
"السياسية" تفتح ملف القضايا الطبيّة المتنوعة بين المستشفيات الخاصة وإشكالاتها وأخطائها التي أصبحت عادة تتكرر كل يوم وموضة الطبّ الحديث في يمننا السعيد..
مستشفياتنا الخاصة استثمارات رابحة راجت خلال الأعوام القلية الماضية.. المستشفيات الخاصة وملحقاتها.. في هذا الإطار كان ل"السياسية" النزول لبعض المرافق الصحيّة والاستماع لمعاناة المرضى، ورد أهل الاختصاص...
* أطباء آخر زمن
تحدثنا أم رانيا عن قصتها في أحد المستشفيات التي دخلت إليه لإجراء عملية الولادة، وتقول: "بعد عملية الولادة التي كانت قيصرية جلست ثلاثة أيام في المستشفى أنا والمولودة والتي كانت تبكي لفترات طويلة، وعند ما لاحظت أنها تقوم بإرجاع الحليب الذي ترضعه بصورة غريبة بدأت أقلق عليها، وكل ما أقول للمُمرضات أو الطبيب المشرف أن يتفقّد المولودة، ما إذا كانت تعاني من مشكلة، الجواب: لا توجد أية إشكالية، وأنها بصحّة جيّدة والحمد لله. ولكن بعد أن بدأت حالتها تسوء، وبدأ شكل ورائحة القي يتغيّر بشكل مريب خفت واستدعيت طبيب أطفال مختصا من خارج المستشفى، أتى على أنه زائر، وعند ما فحص الصغيرة طلب على الفور عمل أشعة للجهاز الهضمي لها، والذي تبيّن أنها تعاني من انسداد خُلقي في الأمعاء، والذي كان سيُسبب تسمما لها يودي بحياتها! على الفور أخذت ابنتي وتوجهت إلى مستشفى خاص لإجراء العملية، والذي لولا اكتشاف الأمر لكانت ابنتي قد توفيت! المستفز بالأمر أن الممرضات كُن يطلبن منِّي كل يوم باكت بمبرز (حافظات) للطفلة. على الرغم من أن الطفلة لم تتبرز منذ ولادتها، وهذا ما لم أكن أعرفه، وأكده الطبيب الذي شخّص الحالة!".
* موت وخراب ديار:
أما السيدة أفراح السيد التي تروي معاناتها مع مستشفيات القطاع الخاص، تقول تعرّض زوجي وابنتي لحادث سير وتم نقلهم إلى المستشفى، وعلى الرغم من شهادة أقاربي الذين كانوا خلفهم بسيارتهم الخاصة، وهم الذين قاموا بإسعافهم، إن ابنتي وصلت متوفاة بسبب خُطورة الإصابة التي أصابتها، والتي كانت واضحة للعيان، وهذا ما أكده الطبيب الذي عاينها لحظة الوصول إلى المستشفى، ومع هذا أتى الطبيب الأخصائي وأدخلها إلى غرفة العمليات وأجرى لها عملية وكشّافات وفُحوصات، وفي الأخير يخرج الطبيب ليقول لنا: البقاء لله في ابنتكم! (والذي كانت منذ البداية قد توفيت)! لتصل في النهاية فاتورتها إلى مبلغ خيالي.. أما زوجي فكان يعاني من عدّة كسور، وطبعاً لأنه مستشفى خاص كل يوم يقرروا له فحوصات وأشعة، غير العمليات التي تُجرى له، وطبعاً بالإضافة إلى أشكال وأنواع الأدوية التي تُسد عين الشمس.. بعد هذا كله، ونتيجة الفواتير التي تكسر الظهر، اضطررت إلى بيع كل ذهبي، والاقتراض من الأقارب، ووصل بي الحال إلى رهن البيت. ويا ليت بعد هذا كله بفائدة أخرجت زوجي من محل الجزارة، وهو الآن يمشي على عُكّاز، وحسبي الله ونعم الوكيل!".
* حدّث ولا حرج
أما الحاج إبراهيم السعدي يقول: "الطبّ في الوقت الراهن أصبح مثل اليانصيب. كُليات الطبّ كل عام ترفد المئات من الأطباء الذين أصبحوا –للأسف- كما من غير نوع. أطباء لا يمتلكون مقوّمات مهنة الطبّ، لا المهارة ولا الأمانة ولا حتى الضمير". وعن معاناته فيها يقول: "أصبت بوعكة طبية نقلني على إثرها أبنائي إلى أحد المستشفيات الخاصة المشهورة جداً، والتي يُروّج أن فيه أفضل الأطباء وأكثرهم خبرة ومهارة. وبعد علاج لمُدة شهرين خسرت فيها من صحتي ومن مالي، إذ تكلّفت حوالي مليونا ونصف المليون ريال يمني. وبعد أن ضقت ذرعاً بالمستشفى الذي أحسست فيه أنني فأر تجارب، قررت السفر إلى الأردن، وفيها تم تشخيص حالتي من أو جلسة علاج، والكارثة أن فترة علاجي في اليمن والأدوية التي أُعطيت لي سببت لي مشاكل صحيّة جديدة أخذت شهرا كاملا لعلاجها؟".
الطفلة يريم خالد السواري 9 أعوام، ظلّت محتجزة في أحد المستشفيات لأكثر من شهرين، بسبب عجزها عن دفع فاتورة المستشفى، التي بلغت أكثر من 600 ألف ريال، وظلت كذلك حتى تدخّل السفير القطري في صنعاء بتبرّع بمبلغ 340 ألف ريال يمني، وتبرّع فاعل خير بمبلغ 212 ألفا، واستدان والد الطفلة بقيّة المبلغ -175 ألفا- حتى تخرج الطفلة من المستشفى! يريم دخلت المستشفى الخاص بعد تعرّضها لحروق في ساقها الأيمن، وعجز مستشفى الجمهوري ومستشفى الثورة عن علاجها.
الأمثلة كثيرة، وتُدمي القلوب، والأخطر منها أن أغلب من يرتادون العيادات والمستشفيات الخاصة هم من أهل الأرياف الفقراء، والذين يلجأون إليها بعد يأسهم من المستشفيات الحكومية، والتي تستغرق وقتا طويلا ومواعيد أطول، ولأنهم أغراب يريدون العلاج والسفر إلى قُراهم بأسرع وقت، يقعون في مصيدة القطاع الخاص، الذي لا يرحم ألم مريض أو جيب فقير، فهم بالنّسبة لهم كنز أو كما يسمى "عرطة"، ويا غافلين لكم الله، يرجعون إلى قُراهم محمّلين بأكياس ممتلئة بالأدوية، وأجسام مليئة بالعلل وعقول مثقلة بالأسئلة والاستفسارات عن مرضاهم دون إجابة!
توجهنا إلى مكتب الصحة بمحافظة عدن، وتحديداً إلى الدكتور زكريا قاسم القعيطي مدير الرقابة والتفتيش في إدارة المنشآت الصحية والطبية الخاصة؛ ليحدثنا عن دور مكتب الصحة في مواجهة هذه الظاهرة التي تفشت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، والتي بدأ يعاني منها المواطن ويدعو الله ليل نهار أن يقيه المرض حتى لا يلجأ لمثل هكذا تجار. وهل فعلاً هناك رقيب على مثل هذه المستشفيات يستطيع أن يطمئن إليها المواطن البسيط في حال حدث في الأمر أمر أو أنها لا تخضع لرقابة أو حتى معايير!
المستشفى الخاص ليس ظاهرة سلبية بل على العكس يقدّم خدمات نوعيّة خاصة، كما أنه يغطّي بعض النواقص الناتجة على المستشفيات الحكومية؛ نتيجة شحة الإمكانيات بحيث يغطون بعض الفراغات الموجودة في القطاع الصحّي، ويقدمون خدمة أفضل. كما أننا نقوم على الإشراف والرقابة على كل المنشآت الصحيّة الخاصة في كل المديريات في محافظة عدن..
ويبدأ عملنا الرقابي على المنشآت الطبية الخاصة ابتداء من تراخيص فتح المنشآت، والتأكد من شهادات الأطباء والكادر الأجنبي، وامتحان الأطباء الوافدين، وفحص أوراقهم، كما أننا أدخلنا الوسائل الحديثة في عملية الرقابة من خلال استمارات لموظفي الرقابة، الذي يتم النزول إليها حتى لا تحدث عشوائية في العمل، ويتم تسجيل الملاحظات في المواضيع الموجودة في الاستمارة والمراد الرقابة أو التفتيش عليها على شكل درجات بشكل جدي ودقيق.
ويضيف القعيطي أنه في مجال العمل في الطب والجراحة لا بُد وأن تحدث هناك مشاكل أو اختلافات بين المرضى وذويهم وإدارات المستشفيات. وتقدّم هذه الشكاوى إلى مكتب مدير الصحة، ويتم إحالتها إلى الجهات القانونية، ويتم إحالتها إلينا وبدورنا نعطي تقرير عن جوانب المشكلة ومن هو صاحب الحق، ومن هو على خطأ، ومن ناحية علمية؛ لأن القضاء لا يعلم الخطأ الطبّي، ومدى خطورته من عدمه.
وأبرز هذه الشكاوى تكون الأخطاء الطبية غير المتعمدة وغير المقصودة، والتي غالبا ما تنتهي بالصّلح, وقليل منها يصل إلى ساحات المحاكم، ولكن جميع الأخطاء الطبية التي تحدث تكون غير مقصودة، وليس ناتج إهمال أو عدم كفاية أو متعمدة أو نقص إمكانيات..
أما الأسعار للخدمات الطبيّة داخل هذه المنشآت لا نتدخّل بتحديدها, على الرغم من أن هناك مقترحا في هذا الموضوع في القريب العاجل لتقديم سقف معيّن للأسعار، على الرغم من احتمال مواجهة معارضة من قبل المنشآت الصحيّة الخاصة، بأنها سوق مفتوحة، وأن الخدمات التي تقدّم تتفاوت من منشأة إلى أخرى ونوعية الخدمات التي تقدّم, لا يزال مقترحا، وسيتم مناقشته.
أما حقيقة ما يقال إن أغلب الكادر الأجنبي المتوفّر في المستشفيات الخاصة منتهي الصلاحية أو في الأساس "فني"، وليس طبيبا أو أنه قد واجه مشاكل قانونية في بلده وجاء إلى اليمن كخبير. هذا كلام غير صحيح, نحن نتأكد من كل الوافدين العاملين في القطاع الطبِّي سواء طبيب أو ممرض بعمل امتحان له قبل استخدامه، من قبل استدعاء استشاري يمني متخصص وموثوق به يتم عمل بعض الاختبارات له في عدّة مجالات ليتوصل إلى أنه صاحب خبرة وموثوق، ومؤهل للعمل. كذلك نقوم بفحص الأوراق والشهادات التي يقدّمونها, وقد تم رفض العديد من الأطباء أو الفنيين الأجانب بسبب فشلهم في الاختبارات أو الشك في أوراقهم أو حتى نتيجة لعدم توفّر عامل الخبرة لديهم. وأود أن أشير هنا إلى أن محافظة عدن هي المحافظة الوحيدة التي تقوم بعمل هذه الاختبارات للكادر الطبي الأجنبي.
وهناك بعض التوجّهات الجيّدة التي بدأ بعض المستشفيات باتخاذها، وكانت موجّهة من مكتب الصحة، والتي تصب في صالح المريض والمستشفى معاً، ومنها اقتراح مرور المريض بطريقة قانونية عند إخضاعه لأي عملية، بأن يمر على عدد من الاستشاريين المتخصصين في القلب, الأعصاب, الباطنية، فحص السكر والضغط، وغيرها من الفحوصات التي تجنّب وقوع أي مشاكل أو مفاجآت فيما بعد من ارتفاع في الضغط أو السكر أو عدم احتمال المريض للتخدير، وينتج عنها مشاكل كبيرة قد تودي بحياة المريض، وهذا بدوره يُساعد المستشفى على تجنّب أي مساءلة قانونية في حالة حدوث مشكلة -لا قدّر الله..
الأمور تبشر بخير، فلو لاحظنا المنشآت التي فُتحت من قبل أربع سنوات، ومستوى الخدمات التي تقدّمها، والمنشآت التي فُتحت حديثاً للمسنا الفرق الواضح في نوعية الخدمات التي تقدّمها، وأنها في تطوّر مستمر من حيث الخدمات ونوعية الطاقم المتوفّر فيها والتزامها بالمعاير الصحيّة. وعندنا أمل كبير في الكادر المحلي بأن يغطوا النّقص، والذي يمثلون نسبة كبيرة حوالي 85 بالمائة من الكادر الطبي. وعلى العموم في حالة وجود أي إشكالية فإننا نستدعي الطبيب لتوجيه النصيحة أو حتى الغرامة, كما أن هناك معايير وضوابط لا بُد من توفرها في أي مستشفى، والتي على أساسها تمنح التراخيص والتي من المهم أن تكون تحت إشراف طبيب، ولا يُمنح أي مستشفى ترخيص مزاولة المهنة إذا لم يكن تحت إشراف طبيب، وهذا ما يُشاع بين المواطنين أن أي تاجر يستطيع أن يفتح مستشفى ما دام يمتلك المال.. فهناك فرق بين مالك المستشفى، والذي لا يهم أن يكون طبيبا، أما إدارتها فيجب أن تكون تحت إشراف طبيب وليس تاجرا أو صاحب مال..
* ما هي الأسباب؟
توجّهنا إلى الدكتور محمد سالم باعزب مدير عام مستشفى الوحدة التعليمي بعدن, لنسأله عن حقيقة ما يقال عن سوء المعاملة في المستشفيات الحكومية، والتي يعتقد بأنها سبب عزوف النساء الحوامل عن المستشفيات الحكومية وشكواهن المستمرة من سوء المعاملة، وإخضاعهن للعمليات القيصرية. وبالتالي لجوءهن إلى المستشفيات الخاصة على الرغم من تكاليفها الباهظة، والتي لا تكون في أغلب الأحيان أحسن حالاً..
يقول باعزب: مستشفى الوحدة هو مستشفى تعليمي، عدد المناوبين في المناوبة الواحدة 7 أطباء نساء وولادة، بالإضافة إلى أنه يوجد فيه طلاب يطبقون من طلاب الماجستير والدكتوراه ودراسات الزمالة العربية (البورد) الكل موجود في المستشفى، ويتبع الطّرق العلمية الصحيحة، وهي لا تأتي من رغبة أو مزاج، وغالباً المريض يأخذ الأمور من ناحية شخصية أو مزاجية وسطحية جداً.
كما أنه يوجد اجتماع يومي يبرر فيه كل طبيب ما قام به، سواء من إجراء عمليات أم غيره في اليوم السابق.. وكل ما يقال إن الأطباء يستعجلون على الحوامل أو أنهم يسيئون معاملتهم هي إشاعات لا أساس لها من الصحّة, إضافة إلى أن هناك نوعية من المرضى الذين لا يتفهمون أن حالة مريضتهم حرجة، ولا بُد من إجراء عملية لها، وأنها قد تتعرض لمضاعفات في حالة الولادة الطبيعية، فنأخذ وقتا وجهدا طويلا حتى يقتنعوا بالتوقيع على أوراق إجراء العمليات، وهذا بدوره يؤدي إلى إضاعة الوقت الذي يكون ليس في صالح المريضة، وما ينتج عنه من مضاعفات..
والجانب الآخر أن هذا مستشفى مرجعي للأمومة والطفولة ليس لمحافظة عدن فقط ولكنه لعدد من المحافظات المجاورة الأخرى، وهذا يسبب ضغطا على المستشفى الذي تستقبل حالات ولادة يومية تصل إلى 30, فربما هذا الضغط يؤدي إلى تأخر إجراءات الولادة أو بعض التصرفات غير المقصودة من قبل الممرضين أو الأطباء والتي تكون عن غير قصد.
* تجارة رابحة
تكثر الشكوى من أداء المستشفيات والمستوصفات الخاصة، سواء من حيث مؤهلات العاملين فيها وخبرتهم، أو من ناحية سلامة المباني والتجهيزات ونظافتها، أو من حيث ارتفاع التكلفة، والقيام بإجراءات طبيّة وعمليات مكلفة غير ضرورية. ونظراً إلى أن هذه المؤسسات لدينا تنظر إلى نفسها على أنها مشاريع تجارية، فإنها تسعى لتحقيق أعلى معدّل للربح، ولا تعتبر نفسها ملزمة بالبُعد الإنساني من مهنة الطّب. وعلى سبيل المثال: يفرض بعض المستشفيات على الأطباء معاينة حد أدنى من المرضى خلال ساعات الدوام، مما يعني أن المريض قد لا يحظى بالوقت الكافي لشرح حالته وتاريخه الطّبي للطبيب المطالب بإنهاء الزيارة في أقرب فرصة ممكنة. ويقوم بعضها بإعطاء الطبيب نسبة مقابل كل مريض، وكل عملية، وكل إجراء يقوم به، وكل فحص مختبري، مما يعطي دافعاً لتقصير فترة الزيارة، واقتراح إجراءات قد لا تكون ضرورية.
في إحصائية رسمية عن مكتب الصحة محافظة عدن لعام 2008م أن عدد المنشآت الطبية التي تم إعطاؤها تراخيص مزاولة المهنة بلغ 6 مستشفيات, 19 مستوصفا , 19 مراكز طبيّة علاجية, 8 مراكز طب أسنان, 6 مراكز تشخيصية أشعة, 2 مراكز تشخيصية مختبرات, 164 مختبرا, 234 عيادة متخصصة, 46 عيادة طب عام, 76 عيادة أسنان, 9 أشعة, 13 معمل أسنان, 32 بصريات, واحد ضرب حُقن.
والعدد في ازدياد ما دام الموضوع أصبح يُدرّ على أصحابها ذهبا، وخاصة مع انتشار الأمراض بأشكالها وأنواعها المختلفة التي أصبحت مثل الموضة في تجديد مستمر..
* قائمة الأسعار في مستشفيات خمسة نجوم
تتفاوت أسعار العمليات والكشوفات والفحوصات و... ، بين محافظة وأخرى، وعلى حسب سُمعة طبيب من آخر، وحسب موقع المستشفى أو العيادة الخاصة، وكذلك لا ننسى عدد نجوم المستشفى، فكلما كانت خمسة نجوم كانت أسعارها مرتفعة كنجومها.
تتراوح أسعار الولادة الطبيعية ما بين 10 آلاف لتصل إلى 40 ألفا، حسب الفترة التي تستغرقها ووقت الولادة (ليل أو نهار), أما أسعار العمليات القيصرية تتراوح بين 45 إلى 100 ألف، كما أن هناك أطباء نساء وولادة يعملون في مستشفيات حكومية، وعند طلب المريضة أن تُجرى لها العملية في أحد المستشفيات الخاصة، قد يصل ما يتقاضاه من أجر إلى150 ألفا (حق يده)، حسب شُهرة الطبيب من غيره, خلافاً لبقية التكاليف الأخرى للمستشفى التي تُجرى فيه العملية, عملية استصال المرارة بالمنظار 80 إلى 120 ألفا, تكلفة تفتيت الحصوات عن طريق المنظار من 120 إلى 160 ألفا، حسب عدد الحصوات, الزايدة الدودية من 45 إلى 55 ألفا, أسعار الغرف لليوم الواحد تتفاوت ما بين غرفة عامة يشترك فيها عدّة مرضى من 3500 إلى 5 آلاف، والغرف الخاصة تبدأ من 6 آلاف إلى 12 آلاف ... والقائمة لا تزال طويلة!
* المستشفيات والمصير المجهول
مستشفيات حكومية في وضع يرثى لها، ومستشفيات خاصة ليست أحسن حالا، قد تختلف في المظهر الخارجي ونوعية الخدمة المقدّمة، وأشياء أخرى، ولكن هناك قاسما مشتركا فيها. الأخطاء الطبية، التي لم تعد حصراً على مستشفى حكومي يشكو من شحة الإمكانيات أو مستشفى خاص يمتلك كل الإمكانيات.
الطفلة ماريا عارف السريحي ذات 9 أعوام، توفيت في مستشفى الثورة، وذلك لإجراء عملية جراحية تجميلية في العينين (حول)، وبعد عمل جميع الفُحوصات الطبية المطلوبة من قبل الطبيب المُعالج تم إدخال الطفلة ماريا إلى غرفة العمليات لإجراء العملية التي قيل إنها سهلة، ولكن –للأسف- بعد عدّة ساعات خرج إحدى الممرضين ليقول لوالدها إنها توفيت؟ وعند دخول الأب إلى غرفة العناية المركزة لم يجد والد الطفلة أي أحد من الأطباء لا الطبيب الذي أجرى العملية أو الطبيب المخدّر. لم يجد غير ابنته مرميّة على السرير!
أخذها وخرج بها من المستشفى، ومن دون أن يسأله أحد عن الجثة أو هل معه تصريح خروج أو لا.. والمدهش في الموضوع أنه عند ما عاد للبحث عن ملف العملية وجده عند أحد الطبّاخين في المطبخ! (يبدوا أنهم أرادوا أن يستفيدوا من الأوراق التي فيه؛ للف السندوتشات).
شهاب غالب صالح، 43 عاما، دخل مستوصفا خاصا في مدينة عدن لإجراء عملية جراحية لإزالة البواسير وبعد خروجه من العملية لم يعد بمقدوره التبرّز نتيجة خطأ طبي أثناء العملية. تم إجراء عمليتين جراحيتين له في المستوصف نفسه، والتي زادت الطين بلة! حيث أصبح من الصعب إخضاعه لأي عملية جراحية -حسب التقرير الطبي الذي نصحه بعدم إجراء أي عملية جراحية محلياً! المدهش في الموضوع أنه بعد البحث والتقصّي ثبت أن الطبيبة التي أجرت العملية لشهاب تزاول مهنة الطب بشهادة مزوّرة، كما أن المستوصف يعمل بدون ترخيص؟ شهاب الذي لجأ إلى ساحة القضاء منذ سنتين وإلى الآن لم يُنصف.. فهل من مجيب؟!
أصيب أحد المواطنين بشلل كلي نتيجة خطأ طبي في التخدير، فأصبح ملازماً للفراش بقيّة عُمره. وآخر أًصيب نتيجة خطأ فني، حيث نُقل إليه دم ملوث بفيروس الإيدز، وطفلة أخرى دخلت في غيبوبة بعد نزيف حاد بسبب أن أحد الأطباء نسي دبوساً أثناء إجراء عملية اللّوز لها, كما تعرّضت امرأة إلى تلوث في دمها نتيجة خطأ بفيروس الكبد، ورغم لجوئها إلى القضاء الذي أصدر أحكاماً بحق مكتب الصحة م/عدن في البعض، والبعض ينتظر، إلا أنها تنتظر كغيرها تنفيذ تلك الأحكام!
* فلاش 1
قد تبدو الصورة شديدة القاتمة، ولكن بين فينة وأخرى يلوح بصيص أمل فيها ليعطيها لمسة جمالية تبث الأمل والاطمئنان. هذا هو حال المستشفيات الخاصة لدينا، فمن بين الكم الكبير منها ما يدعو إلى الكائبة والخوف، يظهر أحد هذه المستشفيات ليعطّي أملا وثقة في نفس المريض، بأنه في أيادِ أمينة، تُحول ألمه إلى راحة ومرضه إلى شفاء -بإذن الله. مستشفيات يشهد لها العديد ويحكى عنها الحكايات بأنها صنعت معجزة وأنقذت أرواح مرضى أوشكوا على الهلاك...
* فلاش 2
المحزن والمخزي في الوقت نفسه أنه عند ما تذهب إلى العلاج في أي بلد آخر، وبعد أن تكون قد أخذت رحلة طويلة لمحاولة العلاج في بلدك، وبعد أن تكون قد كوّنت ملفا طويلا عريضا مملوءا بتقارير طبيّة وفحوصات وروشتات أدوية، وتذهب به إلى البلد الفلاني وتعرضه على الأطباء هناك، معتقداً بصفاء نيّتك أنهم سيواصلون ما بدأه زملائهم في بلدنا الحبيب. أول ما تناول الطبيب هناك هذا الملف حتى يرمي به إلى سلة المهملات دون حتى تكليف نفسه بالنظر إليه، هل تعلم لماذا؟
وتبدأ معك رحلة العلاج من الصفر!
هذا لا يعني أن جميع أطبائنا من هذه النوعية، ولكن كما يقال الحسنه تخص والسيئة تعم.. مع العلم أن لدينا أطباء يشار إليهم بالبنان خبرة ومهارة وكفاءة لن تجدها حتى في كبرى المستشفيات العالمية، والبعض منهم من لمع وتميّز خارجياً، ويمارس مهنة الطب، المهنة النبيلة، في أرقى المستشفيات في مختلف بلدان العالم، أمثال الدكتور خالد نشوان الذي اخترع جهاز "نشوان باراساوند" يستخدم لمعالجة الشرايين الضيّقة دون عمليات جراحية، ودون آلام أو مضاعفات، باستخدام الموجات تحت الصوتية والصوتية وفوق الصوتية مجتمعة، ويمكن من خلاله تقديم هذه الخدمة الطبية العلاجية الفريدة والمتقدّمة لأكثر من عُشر سكان الأرض، وغيره الكثيرون، ولكنهم –للأسف- يبقون قلّة!
* قسم الأطباء.. للتذكير فقط!
أقسم بالله العظيم
أن أراقب الله في مهنتي..
وأن أصون حياة الإنسان في كافة أدوارها، في كل الظروف والأحوال باذلا وساعيا في استنقاذها من الهلاك والمرض والألم والقلق.
وأن أحفظ للناس كرامتهم. وأستر عوراتهم. وأكتم أسرارهم.
وأن أكون على الدوام من وسائل رحمة الله، باذلا رعايتي الطبيّة للقريب والبعيد، والصالح والخاطئ، والصديق والعدو.
وأن أثابر على طلب العلم. أسخّره لنفع الإنسان، لا لأذاه.
وأن أوقّر من علّمني. وأعلّم من يصغرني. وأكون أخا لكل زميل في المهنة الطبية متعاونين على البر والتقوى. وأن تكون حياتي مصداق إيماني في سري وعلانيتي، نقيّة مما يوشي لها تجاه الله ورسوله والمؤمنين.
والله على ما أقول شهيد.
* ختاما:
في دول العالم المتقدّم غير المسلمة يشكل الأطباء منظمات إنسانية لمساعدة الدول المنكوبة أو الدول التي تشهد نزعات مسلّحة من حروب أهلية أو دولية أو مساعدة الدول التي تتعرّض إلى أمراض وبائية، يجازف أطباء هذه المنظمات بحياتهم ويتعرّضون إلى أشد أنواع الضغوط النفسية والجسدية، وقد يكونوا عُرضة للاختطاف والابتزاز وحتى القتل، ليس من قبل الجماعات المتصارعة بل حتى من قبل حكومات الدول المنكوبة التي يمارسون فيها عملهم، كل هذه التضحيات بلا مقابل، كل الذي يدفعهم إلى هذه التضحيّات الجسيمة هو الشعور الإنساني النبيل.. هو الدافع الذاتي الشريف.. هي الغيرة الآدمية والفطرة التكوينية في الخلقة الإنسانية، والتي تعتبر النقطة التي يشترك فيها كل أبناء آدام وحواء، مهما اختلفت أجناسهم أو دياناتهم.
أما في وقتنا الحاضر تعودنا أن نرى نوعين من الأطباء، إما مظلوم مغلوب على أمره براتب لا يكفيه لقوت يومه في مستشفى حكومي، وإما ظالم يعاني تخمة دائمة مصدرها مص دماء المواطن المريض الذي أصبح لقمة سائغة بين فكي مستشفى استثماري وطبيب فهلوي، فهل سنرى نوعاً ثالثا يحمل صفات الطبيب الحق في القريب العاجل؟
صحيفة السياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.