هل نعي ما يجري في الشارع العام، وبدأ يظهر علناً ويُطرح بصوت مرتفع، وعلى صفحات الصحف، ومنابر المساجد وهو أمر مخيف، ومروع، ومفزع.. إذ بعد إحدى وخمسين سنة من عمر الثورة اليمنية ذات التوجه الوطني القومي الإنساني ..إحدى وخمسون سنة من عمر الثورة اليمنية الخالدة التي يحل علينا عيدها السنوي في ال26 من شهرنا الجاري سبتمبر أيلول ..هذه الثورة التي تحمل على عاتقها محاربة التخلف والجهل والطائفية، والمذهبية، والمناطقية، والجهوية، وتعبر بالشعب اليمني إلى الانتماء الأكبر الانتماء للوطن، وللأمة العربية الإسلامية والإنسانية، وعلى انقاض كل الانتماءات الضيقة المتخلفة، وأفكارها، وثقافتها لحفظ اللحمة الوطنية، والوحدة،والسلام بين أبناء الشعب ..ومن المؤسف المحزن، المبكي أن نجد وبعد إحدى وخمسين سنة من عمر الثورة تطل علينا، وعبر العديد من المنابر الأصوات الطائفية، المذهبية، الفتنوية المناطقية، الجهوية، لتصدمنا وتشير إلى أن الثورة اليمنية بكل أفكارها وثقافتها الوطنية الثورية القومية قد فشلت في إحداث ثورة فكرية وثقافية وسياسية لتغيير تفكير الناس، والارتقاء بانتمائهم إلى الانتماء الأوسع، الانتماء للوطن، وهو ما يتأكد اليوم من خلال الأصوات التي ترتفع في صراع مذهبي طائفي سلالي قبلي جهوي إلى الحد الذي أصبح ذلك يجاهر به على وسائل الإعلام ومنابر المساجد. بل صار التراشق بهذه المسائل على الجدران في الشوارع، ويدعون بالموت لبعضهم، وصار التكفير على أشده، ومنابر المساجد تشتغل في هذا الاتجاه الفتنوي القاتل للشعب إلا من عصم ربي من الخطباء الذين يدعون للمسلمين بالصلاح، وقيام السلام بينهم، وتوحدهم في مواجهة أعداء الله والإسلام والعرب من الأمريكان والغربيين، والصهاينة، وعملائهم ومن يناصرهم ويبرر لهم بالقول والفعل، هؤلاء الخطباء يؤكدون أن المؤمنين إخوة، تحرم عليهم دماؤهم، وأموالهم، وأعراضهم، ولا يجوز أن يكفر بعضهم بعضاً بسبب الاختلاف المذهبي، فكل له مذهبه والإسلام للجميع ،وعلى كل احترام مذهب الآخر ما دامت الأصول واحدة ..فما أحوجنا إلى مثل هؤلاء الفقهاء الخطباء وهم بعدد الأصابع، وإلى مثل خطابهم الذي يجمع، ويوحد بين أبناء الإسلام ويعمل على إفشاء السلام بينهم، والتعايش بمحبة. إن الخطاب الطائفي المذهبي السلالي المناطقي وبثه بين أبناء الإسلام والعروبة إنما هو خطاب فتنوي خطير ولصالح الاستراتيجية الغربية الصهيونية التي تهدف إلى تدمير المسلمين والعرب على مستوى الأقطار وعلى مستوى بلاد العرب والمسلمين، وذلك بضرب وحدتهم وتعايشهم، وتحطيم علاقات السلام فيما بينهم، ونشر الفتن فيما بينهم ليقتلوا بعض، ويدمروا أنظمتهم، ودولهم. وجيوشهم ويبددوا أموالهم فتضعف شوكتهم ويسهل على الرأسمالية الصهيونية المستبدة والمتوحشة أن تهيمن وتنهب بلاد العرب والمسلمين وثرواتهم وتحقق الأمن للصهاينة. رابط المقال على الفيس بوك