- انتكاسات وفشل تجارب الحوار بين اليمنيين في مختلف مراحل الصراع منذ قيام ثورتي 26 سبتمبر و 14 اكتوبر حتى اليوم الحقت بالعباد والبلاد انتكاسات وويلات مؤلمة فقد كانت جولات الحوار والتفاوض تنتهي بحروب و مآسي قتل وتشريد وتهميش وإقصاء منذ مؤتمر حرض بنسختيه الأولى والثانية مروراً بدعوات السلام وحركة 5 نوفمبر 67 م وحوار واتفاق إخراج اطراف الصراع من اليمن اثناء أحداث أغسطس الدامية 68 بصنعاء وحوار توحيد فصائل اليسار في الجنوب وحوار الجبهة الوطنية الديمقراطية المعارضة في الشمال بعد معارك دامية في المناطق الوسطى وحوار الرفاق عامي 85 و12 يوماً من 86م في الجنوب وحوار أزمة ما بعد قيام الوحدة الذي انتهي بالتوقيع على وثيقة العهد والإتفاق. - كل جولات الحوار الماضية بين فرقاء السياسة والصراع كانت تنتهي بإعلان النوايا الطيبة وحتى تلك التي انتهت بالتوقيع على برامج تنفيذية تفصيلية قدم حولها الوسطاء محليون أومن الخارج ضمانات للتنفيذ فقد كان يتم الاتفاق والتوقيع عليه ثم النكث به من قبل من يمتلك عناصر القوة “ السلاح والمال” فيجري خلق واقع جديد بتفجير الحرب والقتال. - فالمآسي والوقائع كثيرة ومعروفة وموثقة لكن ابرز مثال قريب هو الحوار الذي توصل الى وثيقة العهد والإتفاق والتعهد الشفوي بتنفيذها بدون ضمانات حقيقية فكانت حرب صيف 94 المشئومة والقوى السياسية اليمنية الحالمة بالتغيير وبناء وطن يعترف بحقوق كل اليمنيين ويحقق المساواة قد جربت اعلان حسن النوايا فقط فخدعت أكثر من مرة لإنها لم تتشدد في وضع ضوابط وضمانات لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه. - في كل جولات الحوار السابقة كانت القوى التي تمتلك القوة “ المال والسلاح” تفاوض وتحاور وتناور وتقبل بنتائج الحوارات حتى وإن كانت تستهدف مصالحها التي حققتها في غفلة من الزمن وخارج النظام والقانون أو حتى تتناول تخفيف تغولها ضد القوى الأخرى التي تحاورها وكان قبولها شكلياً إما لإمتلاكها عناصر القوة لفرض واقع جديد يتجاوز ما تم الإتفاق عليه أو لحسم ما تحاورت بشأنه بالقوة أو كان قبولها لكسب الوقت حتى تعيد ترتيب وضعها بما يمكنها من تغيير موازين القوى لصالحها لتحسم الخلاف الذي تحاورت بشأنه بالقوة فهي دوماً كانت تعتبر جولات الحوار تكتيكاً مرحلياً وليس هدفاً استراتيجياً ولهذا فإنها تسعى في نهاية جولات الحوار بعد ان تكون قد خططت ورتبت تقوم بنقل البلاد والعباد من حالة الحوار والتوافق الى حالة التوتر والصدام والحرب وكونها تملك ادوات وعناصر القوة «السلاح والمال» فقد كانت دوماً تحسم الوضع على الأرض بالقوة وتفرض مشروعها الذي هو نقيض نتائج الحوار وما تم الاتفاق عليه. - وإنطلاقاً مما سبق فقد حذر سياسيون بارزون في مقدمتهم الدكتور ياسين سعيد نعمان من عدم وجود ضمانات حقيقية لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وتساءل آخرون منهم الدكتور محمد عبد الملك المتوكل لمن ستسلم مخرجات الحوار الوطني ؟! وتكررت التحذيرات والأسئلة من قبل الكثيرين كلها تبحث عن الضمانات وتتحدث عن غياب المؤسسات الضامنة لتنفيذ ما سيتم الاتفاق عليه في مؤتمر الحوار . - لقد قيل ان المجتمع الإقليمي والدولي «الدول العشر الراعية للمبادرة والتسوية» هي الضامنة وقيل أن «المؤسسة العسكرية الأمنية» هي الضامنة وقيل «المؤسسات التشريعية والتنفيذية المنتخبة من الشعب» هي الضامنة وكل ذلك صحيحاً ولكن .. ولكن ماذا؟ فنحن امام اسئلة كبرى تتطلب إجابات واضحة تضع التقاط على الحروف حتى لا تتكرر مآسي جولات الحوار السابقة بين فرقاء السياسة والصراع في البلاد في ظل غياب المؤسسات الضامنة لتنفيذ مخرجات الحوار وأبرز تلك الأسئلة هل تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار يتطلب فترة انتقالية توافقية ثانية أم تنافس انتخابي ديمقراطي ؟ وهل ظروف البلاد ومزاج الناس يسمح بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية؟ - الإجابات على ما سبق من اسئلة وغيرها بصدق وموضوعية تقول : إن مؤتمر الحوار الوطني ونتائجه تسوية تاريخية تقرر بناء يمن جديد غير هذا اليمن الذي كاد ينفجر بمن فيه من البشر كقنبلة فتداعى الإقليم والمجتمع الدولي لايقاف الانفجار فكانت المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن “2014و2051” وانتقال السلطة ومؤتمر الحوار وكل شيء كان على مراحل ومزمناً وينطلق من اسس قانونية ومحمياً بشرعية شعبية محمية بتضحيات قدمها شباب ونساء ورجال الثورة الشبابية الشعبية السلمية من أجل يمن جديد ومسنودة بإرادة وشرعية اقليمية ودولية. - باختصار لم يعد هناك مجال للنوايا الطيبة المعلنة وبالتالي فإن الأمور لم تترك بدون ضمانات تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه لأن الأمر يتعلق هذه المرة بصدقية وهيبة وقوة توافق الإقليم والمجتمع الدولي حول الوضع في اليمن «الدول العشر الراعية» فانتقال اليمن الى الوضع الفيدرالي والترتيب لانتخابات برلمانية على مستوى الأقاليم «اقليمين أو اكثر» والراجح انها أكثر وانتخاب هيئات الأقاليم المحلية وهيئات الدولة الإتحادية الفيدرالية يتطلب فترة انتقالية ثانية توافقية لا تنافسية لضمان الانتقال السلس لا القفز الى الهاوية. - ومثلما كانت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية خارطة طريق حددت مراحل لتنفيذ ما ورد فيها (انتقال السلطة – هيكلة الجيش والأمن – مؤتمر الحوار – انتخابات رئاسية وبرلمانية) فإنها تركت وضع خارطة طريق فرعية لكل مرحلة من مراحل المبادرة لمقتضيات ونتائج كل مرحلة وبالتالي فإننا في نهاية مؤتمر الحوار نحتاج لخارطة طريق لمرحلة ما بعد مؤتمر الحوار تحدد آليات وتنتج مؤسسات وشرعيات ضامنة لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني. - ولا يختلف اثنان انه متعذر أن تجرى انتخابات رئاسية وبرلمانية في الموعد المحدد في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية فبراير 2014م كون الانتقال الى النظام الإتحادي الفيدرالية يتطلب كتابة دستور اتحادي جديد والاستفتاء عليه وتحديد الأقاليم جغرافيا وانتخاب هيئاتها التشريعية والتنفيذية” انتخاب برلمانات اقليمية ورؤساء الأقاليم” ومن ثم انتخاب هيئات الدولة الاتحادية المركزية التشريعية والتنفيذية( برلمان اتحادي ورئيس الدولة الإتحادية وتشكيل حكومة اتحادية». - وأخيراً : حتى لا يكون مصير مخرجات مؤتمر الحوار كمصير وثيقة العهد والاتفاق فإن خارطة طريق توافقية بين القوى والمكونات المشاركة في مؤتمر الحوار لمرحلة ما بعد المؤتمر اصبح ضرورة قصوى لا مفر منها لتحديد كيفية التنفيذ وايجاد مؤسسات وسلطات وشرعيات تنقل اليمن من نظامها الحالي الى النظام الفيدرالي الجديد. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك