كل فتاة ومنذ نعومة أظفارها تحلم حين تكبر وتنتظر بفارغ الصبر اليوم الذي تُزفُّ فيه من بيت أهلها إلى بيت زوجها لتبدأ حياة جديدة وتكوين أسرة خاصة بها، ولا عيب في ذلك؛ فهذه سُنَّة الحياة التي فطر الله تعالى عليها الإنسان لتعمير الأرض وإتمام دورة الحياة الدنيا حتى نهايتها. فالزواج وإن كان حلم المرأة وقدرها الذي لا مناص منه، إلاّ أنه في نفس الوقت ليس حلمها وحدها وإنما هو أيضاً حلم أسرتها, فالأب والأم لا يشعران بالراحة ويدركان أن رسالتهما قد اكتملت تجاه بناتهما مهما وفّرا لهن من سبل العيش الكريم, وأن سعادتها تبقى ناقصة حتى يريا بناتهما في بيوت أزواجهن، وهذه حقيقة يعرفها الجميع, لأن الأب والأم اللذين تحمّلا عناء ومشاق تربية بناتهما ورعايتهن لسنوات, وحرما نفسيهما كثيراً من الاحتياجات ليوفرا لهن ما يحتجن إليه من ملبس ومأكل ودواء وتعليم... إلخ، لايمكنهما أن يفرّطا بهن بسهولة ويلقياهن في التهلكة تحت مبرّر الزواج من أجل المال والجاه. ولهذا سنجد أن الأب والأم أكثر حرصاً على اختيار الرجل المناسب كزوج لبناتهما؛ وخصوصاً فيما يتعلّق بالعمر، بحيث يكون العمر مناسباً, ومهما كانت المغريات والمبرّرات، فلا يوجد من يمتلك ذرة من حب أو حنان أن يقبل بتزويج ابنته وهي مازالت طفلة لم تتجاوز العشر السنوات، فهذا من باب الجنون، ولا يمكن لأب أن يُقدِم على مثل هذا الفعل الذي قد تكون حياة ابنته ثمناً له. ومع ذلك فلكل قاعدة شواذ، وكم من الآباء دمّروا حياة بناتهم وكانوا سبباً في جلب التعاسة لهن إن لم يكونوا سبباً في وفاتهن, لأن هؤلاء الآباء الذين فقدوا معاني الأبوّة الحقيقية يعتبرون البنت مجرد سلعة يتاجرون بها، ومن يدفع أكثر سيحصل عليها, لا يهم كم عمر البنت «السلعة المعروضة» للبيع، ولا يهم أيضاً عمر الزوج المشتري..!!. ومهما قلنا إن زواج الصغيرات جريمة أخلاقية وإنسانية يرتكبها الآباء في حق بناتهم؛ إلا أن هذه الجرائم في مجتمعنا اليمني سوف تستمر؛ وكل يوم يزداد عدد الضحايا وتتسع دائرة المأساة، وإن الموت القادم على هيئة «عريس» سوف يستمر في حصد أرواح القاصرات من اليمنيات مادام الطمع يعمي عيون الآباء ويدفعهم إلى بيع بناتهم لوحوش آدمية، وما دام هناك غطاء شرعي لهذه الجرائم البشعة التي تُرتكب باسم «الزواج». نعم إن التمسُّك بحق تزويج البنت في سن صغيرة وقبل سن 18 سنة جريمة يتحمّل وزرها الأكبر علماء الدين أمثال الحزمي الذي يُعتبر من أكبر المتحمّسين والداعين إلى زواج البنت في عمر «الثامنة» كما يتحمّل المسؤولية حزبا «الإصلاح» و«الرشاد السلفي» المعارضان لأي قانون يحدّد سن الزواج ب«18 سنة» ويعملون كل ما بوسعهم لتضليل الرأي العام وإيهامهم أن تزويج البنت في سن «الثامنة» هو اتباع للسنّة وصيانة للمجتمع من الانحراف، وحماية للدين والأعراض على حد سواء. فمتى سيدرك الحزمي ومشائخ الإصلاح والرشاد أن إشباع الغريزة لا يكون على حساب أرواح القاصرات من بنات المسلمين..؟!. رابط المقال على الفيس بوك