يصادف يوم الخميس القادم حلول العيد ال51 لثورة ال26 من سبتمبر الخالدة التي خطّط وأعدّ لها وفجّرها صبيحة يوم الخميس 26 سبتمبر عام 1962م تنظيم الضباط الأحرار بقيادة الشهيد البطل علي عبدالمغني لتحرير الشعب اليمني من الحكم الإمامي الكهنوتي المستبد والقضاء على الثالوث الرهيب المتمثّل ب«الجهل والفقر والمرض» ،ولم تكن مجرد ثورة على النظام الملكي والحكم الفردي المستبد الذي كان جاثماً على أنفاس اليمنيين في الجزء الشمالي من اليمن وحسب بل كانت ثورة تحرّر شاملة للشعب اليمني في شمال الوطن وجنوبه ،حيث أكد الهدف الأول من أهدافها العظيمة على «التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات». واحد وخمسون عاماً مضت على انطلاق ثورة 26 سبتمبر الخالدة ورغم التحرّر من الاستبداد الإمامي في الشمال والسلاطين والاستعمار البريطاني في الجنوب ورغم إعادة وحدة الوطن اليمني أرضاً وإنساناً ورغم ماتحقق من تحولات تاريخية وإنجازات عظيمة على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والثقافية والتعليمية إلا أنه وللأسف الشديد لم يستطع اليمنيون التحرّر من مخلفات الإمامة والسلاطين والاستعمار البريطاني، فلم تستطع الثورة بعد واحد وخمسين عاماً من انطلاقتها أن تحرّر عقول اليمنيين من موروثات الماضي المتخلّف وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات رغم انتشار التعليم العام والعالي ووجود تسع جامعات وعشرات الكليات ومئات المعاهد الأهلية والخاصة وانتشار الثقافة وحرية الإعلام والصحافة وخصوصاً بعد تحقيق منجز إعادة وحدة الوطن في 22 مايو 1990م والتي ارتبط تحقيقها بمنجز الديمقراطية، إلا أن ذلك لم يُحدث التغيير الجذري الذي كان مأمولاً في عقليات اليمنيين فلازال منطق القوة والنفوذ والقبيلة هو المهيمن على الحياة العامة والقرار السياسي، فمراكز النفوذ والقوة والقبيلة هي من تتحكم في أمور الدولة والشعب ،ولذلك مازال اليمنيون بعد واحد وخمسين عاماً من الثورة وستة وأربعين عاماً من الاستقلال وثلاثة وعشرين عاماً من إعادة الوحدة يبحثون عن دولة مدنية حديثة تتحقق في ظلها العدالة والمساواة لليمنيين كافة ويسود فيها الدستور والنظام والقانون على الجميع ويتجسد قولاً وفعلاً في الواقع المعاش مبدأ تكافؤ الفرص في شغل الوظيفة العامة والمناصب القيادية دون وساطة أو محسوبية أو تمييز بسبب الانتماء الحزبي أو الأسري أو القبلي أو المناطقي أو الفئوي. كل الآمال معلقة على النتائج التي ستتمخص عن مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي كان مقرراً اختتام أعماله يوم 18 سبتمبر الجاري ،ولكن بسبب عدم استكمال معظم فرق العمل لمهامها وبروز تباينات وخلافات حول التقارير النهائية لفرق العمل ومحاولات البعض الانحراف بمسار مخرجات الحوار من خلال عقد صفقات خارج إطار مؤتمر الحوار وعدم الالتزام بالنظام الداخلي ونصوص المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي أكدت على «أن يؤدي الحل الذي سيفضي إليه الاتفاق السياسي لإنهاء الأزمة السياسية إلى الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره».. وأن «يقف الحوار أمام القضية الجنوبية بما يفضي إلى حل وطني عادل لها يحفظ لليمن وحدته واستقراره وأمنه» ..كما أكد مجلس الأمن الدولي في قراريه رقم «2011 و 2014» التزامه القوي بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه.. كما أكدت المبادرة الخلجية وآليتها التنفيذية المزمنة في الفقرة 21 البند الخاص بمؤتمر الحوار الوطني على «اتخاذ خطوات ترمي إلى تحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية والتدابير اللازمة لضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الإنساني مستقبلاً».. وأكدت في البند الخامس على «أن تلتزم كافة الأطراف بوقف كل أشكال الانتقام والمتابعة والملاحقة من خلال ضمانات وتعهدات تعطى لهذا الغرض».. ولكن بعض القوى التي لديها أجندة خاصة بها على حساب المصلحة العليا للوطن والشعب تعمل على خلط الأوراق من خلال الأعمال الاستفزازية التي تقوم بها سواءً تلك التي تريد المساس بمنجز وحدة الوطن أو تلك التي تريد إصدار قانون العزل السياسي وإلغاء قانون الحصانة وهو مايعني عرقلة مؤتمر الحوار الوطني وخلق بؤر توتر جديدة قد تقوّض الاتفاق السياسي وتعيد البلاد إلى المربع رقم 1 الذي كانت عليه في العام 2011م لاسمح الله ،ولذلك فإنه يتوجب على كل العقلاء من أبناء الشعب اليمني الوقوف بمسئولية وطنية تجاه أية استفزازات أو المحاولات الهادفة إلى عرقلة مؤتمر الحوار أو عقد صفقات خارج المؤتمر أو الخروج عن نظامه الداخلي أو نصوص المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمّنة التي مثّلت خارطة طريق للخروج الآمن لليمن واليمنيين من الأزمة العصيبة التي كادت تعصف بالوطن والشعب في العام 2011م. رابط المقال على الفيس بوك