إحدى قضايا العصر التي نعيشها ويعاني من مساوئها المواطنون البسطاء من عامة الشعب في بلد الإيمان والحكمة أرض الحضارات .. هي السلوكيات غير السوية والعلاقة المشبوهة بين العديد من الأطباء في العيادات الخاصة وبين أصحاب الصيدليات وأصحاب المختبرات .. ونفس تلك السلوكيات تمارس في عدد من المستشفيات الخاصة والصيدليات والمختبرات التابعة لها وذلك لتحقيق مكاسب غير مشروعة وتلك هي الطامة .. أما التدبير لذلك فيتم بطريقتين إحداهما القوائم الكبيرة للوصفات الطبية متعددة الأصناف من الأدوية التي يكرم بها الأطباء مرضاهم بذكاء وحكمة .. والمرضى في الحقيقة لا يحتاجون لمعظمها ، والطريقة الأخرى هي التحاليل المخبرية اللازمة وغير اللازمة .. ونظير ذلك يحصل الأطباء على عمولات مالية غير مشروعة من أصحاب الصيدليات التي يتعاملون معها ويبعثون المواطنين لشراء الأدوية منها دون غيرها بدعوى توفيرها للأدوية الأصلية .. تلك العلاقة تفيد أطراف الاتفاق الثلاثي : الطبيب صاحب العيادة وصاحب الصيدلية الذي يغري الطبيب بزيادة عمولته كلما تزينت الوصفة الطبية بأصناف متعددة من الأدوية .. والطرف الثالث هو صاحب المختبر الذي اعتاد الطبيب التعامل معه وفقاً للاتفاقية الثلاثية .. أما ضحيتهم فهو المواطن المغلوب على أمره الذي يسلم نفسه للطبيب واثقاً من أمانته ونقاء ضميره وإخلاصه بحثاً عن العلاج والشفاء من مرضه بأي ثمن كان رخيصاً أو غالٍياً.. وبالتالي فهو لا يملك إلا أن يوافق على كل ما يشير به عليه الطبيب أياً كانت الظروف والأحوال .. فعندما يصف له الطبيب الأدوية ويحدد له الصيدلية التي يشتري منها أو يحيله إلى المختبر الذي يتعامل معه لإجراء التحاليل .. فما عليه سوى الموافقة دون أية مناقشة أو معرفة أي تعليل .. بالرغم من أن المرضى يكتشفون فيما بعد وجود تفاوت في أسعار الأدوية بين الصيدلية التي حددها الطبيب وبين غيرها من الصيدليات .. واتضح أن ذلك يعود إلى التزام أصحاب الصيدليات بنسب المبالغ المتفق عليها مع الأطباء الذين يتعاملون معهم، وكذلك بالنسبة لأصحاب المختبرات .. وطبيعي أن كل ما يحدث يعتبر مخالفة صارخة وجلية لأخلاقيات المهنة ولقانون مزاولتها ، ودليل على فقدان الأمانة لدى بعض الأطباء وأطراف الاتفاق الظالم على ابتزاز واستغلال المواطنين وانعدام الضمائر الإنسانية الحية .. بل ودليل واضح على ضعف العقيدة لدى أولئك رغم القسم الذي قاموا بأدائه عند تخرجهم من كليات الطب على الالتزام بشرف هذه المهنة الإنسانية .. الكارثة أن المعنيين في وزارة الصحة العامة والسكان وكذلك نقابة الأطباء والصيادلة اليمنيين يعلمون بخبايا تلك العلاقة المشبوهة بين العديد من ملائكة اللا رحمة المحسوبين على مهنتي الطب والصيدلة .. ورغم ذلك لا تتخذ ضدهم الإجراءات الرادعة لإيقاف ذلك العبث والحد من ابتزاز المواطن المريض واستغلاله .. والمؤسف حقاً أن هناك من يبرر لهم هذا السلوك والممارسات التي تتعارض مع القيم والمبادئ الأخلاقية .. وأن ما يرتكبونه من أخطاء ناتج عن الظروف المزعومة التي يعيشونها من ضعف الحوافز والمرتبات ، وما ذلك إلا انعكاس لتلك الأوضاع المتردية .. فأية ظروف وأية أوضاع تلك التي تبيح لأولئك الكسب غير المشروع الذي يأتيهم جراء ابتزاز واستغلال المواطنين وخاصة البسطاء ممن يعانون ظروفاً وأوضاعاً معيشية صعبة بتلك الأساليب غير السوية..؟! ولهذا فلا بديل لإنقاذ المواطنين مما يحدث سوى الرقابة الفاعلة والتفتيش المستمر على العيادات الخاصة والصيدليات والمختبرات .. سواء من قبل وزارة الصحة العامة والسكان أو مكاتبها في أمانة العاصمة وفي بقية المحافظات .. حتى يتم ضبط المخالفين واتخاذ الإجراءات العقابية الصارمة حيالهم دون تساهل .. ومن المؤكد أن هناك طرقاً عديدة يعرفها المعنيون لإثبات تورط أولئك وكشف أساليبهم وممارستهم لاستغلال البسطاء من الناس الذين يتعاملون معهم بكل ثقة وطمأنينة وتفاؤل .. معتقدين أنهم ملائكة الرحمة على الأرض ، فهل غابت الضمائر الحية.. وتلاشت المبادئ والقيم السامية ..؟! وأين أخلاقيات المهنة التي تحتم على من يمارسونها تلمّس أوجاع الآخرين الذين يطلبون النجدة من أولئك الأطباء الكرام.. في سبيل تخفيف أوجاعهم وما يشعرون به من آلام ..؟! ألا يتذكر أولئك قدرة الله عليهم أم أن أطماع الدنيا وحب المال أياً كان مصدره قد حجبت عنهم معرفة الفرق بين الحق والباطل ، وبين الكسب الحلال والحرام ..؟! ندعو الله عز وجل أن يلهمهم الصواب لتصحوا الضمائر وترق القلوب ، فأهل اليمن كما وصفهم الرسول الكريم بأنهم : ألين قلوباً وأرق أفئدة .. أدام الله عليهم مثل هذه الصفات الحميدة .. بدءاً بفك الارتباط بين ثالوث الابتزاز الطبي والتوقف عن ممارسة تلك الأساليب الملتوية .. وتلك هي القضية . [email protected] رابط المقال على الفيس بوك