- استوقفت طبيباً «حزبياً» استفسره عن أسباب ازدياد الضحايا لأخطاء الأطباء ، وإصرار بعضهم على ممارسة مهنة الموت ، وإعدام الأمل والحياة وتبديد التفاؤل بكفاءة وجدارة الطبيب في بلادنا.. فصدمتني إجاباته وجرفتني سيول اتهاماته حين سرد على مسامعي محاضرة حزبية ليس فيها ولامنها جملة تجيب عن استفساري ، بقدر ماأوضحت لي مدى الاضطراب الذي يعانيه الأطباء«الحزبيون» ممن يناضلون لتوزيع الأحزان ، والتبرير لأخطائهم وجرائمهم باتهامات وتشكيك ورمي الفساد بوجه الوضع والظروف والحكومة والرئيس والمحافظ والمدير العام وحتى النسوان اللواتي«مايستحين ولاينتحين»!! - ومما قال لي: «إذا تشتي البلد تتقدم فلابد من تغيير كل شيء!! ثم أضاف: تغيير هذا الشعب والديمقراطية ،لأنها ماتنفعش اليمن.. وماشنتقدم إلا بالدكتاتورية!!» ولما شعرت أن الخبير طلق الطب وتزوج الحزبية تركته وندمت على استيقافي له أو استفساره. صعقت من العبوات الناسفة التي كان يفجرها بوجهي ، دكتور كان إلى قبل أن تعبث الحزبية بمفاهيمه وقيمه وأفكاره طبيباً قديراً ، وأليفاً ومألوفاً.. إيجابياً في أدائه مهمة الملائكة الرحيمة.. وهاهو يرتضي أن يطمس اهتمامه بتخصصه الطبي ، ويحل بدلاً عنه تخصصاً متصادماً مع الروح السموحة ، وحب العطاء وخدمة المرضى الذين كانوا يرون فيه مثالاً للطبيب الإنسان المثابر.. فتمكنت منه النزعة الحزبية وسلبته أجمل مميزات الدكتور ،وأعظم خصاله!! - ويضاهي الطبيب«الحزبي» في أخطائه بعض أطباء«البزنس» ممن شعارهم الدائم «الدفع أولاً» وبحسب الإحصاءات فيمكن إكمال الشعار بأنه «والدفن آخراً»!! فلايمكن التغاضي عن الأضرار الناجمة عن إهمال الأطباء ونسيانهم أدوات قاتلة كالجفت والمقص وقطع الشاش والقطن في بطون وأمعاء المرضى.. واستمرار جرائمهم فيما يتصل بالخداع والكذب والغش والتحايل والتعامل مع تجار الشنطة من بائعي ووكلاء المهربين للأدوية التجارية.. إضافة إلى حنثهم باليمين المهنية التي أقسموها وعاهدوا الله بها ليؤدنّ واجباتهم بإنسانية. - بعض مندوبي عزرائيل خصصوا مهنة الرحمة في عياداتهم الخاصة للابتزاز وتعاملهم الخالي من الأخلاق مع المرضى حيث يتواطأون مع صيدليات بعينها ومختبرات وأجهزة وكشافات أو يفتحونها في دكاكينهم المسماة مجازاً عيادات.. فقط من أجل الابتزاز والارتزاق وشفط جيوب المواطنين الذين لايدركون أنهم قد خدعوا إلا بعد أن يروا المحصلة أن الآلام تضاعفت والأوجاع تفاقمت.. والأموال طارت وبقي المرض ولايجد المريض سوى اللعنات يرسلها مع كل أنات وآهات.. ودعوات يبعثها لرب السماء مختلطة بالدموع الحارة والحسرات المرة بأن ينتقم الله له ممن ظلمه وأن يكف عن الناس شره. - إننا لن نستطيع إحصاء الفظائع والأضرار التي يتكبدها المجتمع اليمني جراء خطأ طبيب في التشخيص.. أوالتكيتكات والحيل والأساليب الخادعة لاجتذاب الفرائس من المرضى إلى مستشفيات «خاصة» بالذبح والابتزاز وعيادات «متخصصة» بالسلخ والإعدام للقلوب والجيوب. - لكننا مع إقرارنا بوجود فئة أطباء أماتت الحزبية والأموال إنسانيتهم.. فصارت أفئدتهم هواء.. وأدمغتهم فارغة إلا من التفكير بأحابيل وأفخاخ جديدة لاصطياد المزيد من الضحايا والمتاجرة بصحة وعافية المرضى المضطرين والمغرر بهم والمخدوعين. مع إقرارنا بذلك ، فإننا لاننكر وجود العديد من الأطباء المخلصين المقتدرين الإنسانيين.. ولسنا نعنيهم فيما أشرنا إليه.. ولانقدح في إمكاناتهم أوننقص من قدرهم وشأنهم.. ولانعني التقليل من احترامنا لإنسانيتهم وآدميتهم. - إنما من نعنيهم وننعيهم معاً هم الأراذل وأطباء البزنس ومندوبو عزرائيل.. فهم من نتمنى محاكمتهم على مايقترفونه من أخطاء فظيعة.. وإيقاف إدمانهم على شفط أموال المرضى بوسائل علاجية خداعية.. ولسنا ندري كيف يتم التعامل مع أطباء حصروا همهم في الكسب والأرباح ، ولو على حساب إزهاق الأرواح؟! ومتى ستطالهم يد العدالة وآلياتها الرادعة التي ستنقذ الضحايا الجدد للعابثين بصحة المواطن وعافيته؟! أرجو أن تكون الآزفة لذلك قد أزفت.. وآن الأوان لإنزال أقسى وأقصى العقوبات فيمن تثبت إدانته جزاءً وفاقاً!!.