تحدثنا بالأمس عن مصوغات خيار الدولة الفيدرالية من إقليمين، أما الخيار الثاني فيتمثَّل في دولة فيدرالية يمنية من أربعة أقاليم .. إقليمان شماليان، وإقليمان جنوبيان، وهذا الخيار يجمع عليه فرقاء في الساحتين الافتراضيتين للشمال والجنوب، وهذا الخيار لا يختلف من حيث الجوهر عن سابقه الثنائي.. لكنه يتقدَّم على خط نزع فتيل المشاكل التاريخية التي سادت دولتي الشمال والجنوب السابقتين على الوحدة، حيث تغوَّلت عصبيات الشمال والجنوب على مقدرات مؤسسات دولتي الجمهورية العربية اليمنية في الشمال، وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في الجنوب، وكان من تحصيل الحاصل، هيمنة تلك العصبيات القبائلية على القرار السياسي الذي انحرف بمؤسسة القوة في الجنوب، وبمؤسستي القوة والمال في الشمال، وبهذه الروافع المُنكسرة قامت وحدة مايو الخائبة، فقد توازت العصبيتان المُتعصبتان حد التقطير، ولم تمضِ أيام من احتفال الهروب إلى الأمام، إلا وبدأ التمترس العصبوي الذي جاء لصالح البراغماتية العاميَّة لسادة الحكم والحاكمية الظالمة، فكانت حرب الوحدة والانفصال عام 1994 ترجماناً صاعقاً للمحنة، وبداية للسير على درب الاستباحة والعنف النفسي الذي وقع على المواطنين، فتبارت قوى الضلال والظلام، وتماوجت أحوال البلاد والعباد، وتحول الغنى إلى فقر، وقابليات التنمية الواسعة إلى نضوب، وانبرت سياسة اليد السفلى لتكون عنواناً مشيناً ليمن الثراء والكرامة، وتبارز أشاوس النظام من العسكرتاريا الأوليغاركية، والقبائليين المتسولين، وتجار السلاح المُدججين بنياشين الدولة ومخازنها، وناهبي الأراضي المُسيَّجين بفرمانات الباطل، ومروجي المخدرات الفاعلين في التدمير المنظم عبر خمور البحار الرخيصة، وقات اليوريا القاتل، وغيرها من آفات. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك