يستمر الجدل البيزنطي في أروقة مؤتمر الحوار الوطني وخارجه، وليدخل انعطافة ساخنة، وبمراهنة مكشوفة على التراجع عند البعض، بوصفه حتمية في أذهان عرَّابيها وصُنَّاعها الحالمين بعودة الماضي، دونما تمعُّن وإدراكٍ لنواميس التاريخ غير القابلة لهذا الشكل من العودة الكوموتراجيدية. وبالمقابل يحتار الحالمون المتفائلون أمام هذا الخلط المُتعمَّد للأوراق، فيما تتهيأ الساحة لسيناريوهات غامضة، وكثير من الحيرة وفقدان الحيلة، فما العمل؟. تتلخص سيناريوهات المخرج الجوهري لمحنة الدولة اليمنية السابقة في خيارين بارزين. ينص الأول على فيدرالية من إقليمين شمالي وجنوبي، وتتأسَّس هذه الفكرة على الحقيقة الموضوعية التاريخية التي مهَّدت للوحدة اليمنية الراهنة.. لكن التوق الوحدوي والحلم الجميل تكَّسر تحت أقدام العتاة الموهومين، ممن قاموا بترفيس وتدمير القيم النبيلة التي حَدَتْ بالقوى السياسية والمجتمعية إلى هذا التوق العظيم، فكان لزاماً تصحيح مسار الوحدة من خلال ذات المكونين السابقين، ولكن بصيغة تحافظ على جوهر الوحدة ، ولا تمنع التقدم إلى الأمام في شكل المؤسسة، وقابليات حضورها الأفقي، بالترافق مع استحقاقات العصر التي لا مفر منها. الفيدرالية اليمنية من إقليمين لن تعيد دولتي اليمن الديمقراطية الشعبية، والجمهورية العربية اليمنية، وبالمقابل لن تتعارض جوهرياً مع مشروع الفيدرالية من 4 أقاليم جنوبية وشمالية، ولن تكون مشابهة لوحدة مايو الخائبة. هذا الخيار يجمع عليه فرقاء الحراك الجنوبي بنسبة عالية، ولا يغرد خارج هذا السرب سوى البعض، ممن يعتقدون أن التاريخ يعيد إنتاج نفسه بصورة ميكانيكية. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك