لعلي لا أكون مبالغاً أو مغالياً في تعصبي، إذا قلت من أن اليمنيين أكثر حظاً من غيرهم من الشعوب العربية التي يحتدم الصراع والخلاف بين عدد من قادة فكرها وزعامة تلك الشعوب، ومنظريها بسبب: أيهما الأفضل والأنجع، والأضمن لعدالة الشعوب وأمنها ورخائها، وتقدمها: الدولة الدينية أم المدنية؟؟ فتجارب شعوب العالم قاطبة أثبتت من أن الدولة المدنية هي الأبقى والأفضل والأكثر أماناً وعدالة من سواها من أشكال الأنظمة التي مرّت على معظم شعوب العالم أجمع ومن لا يسلم بهذه الحقيقة الواضحة فليستعرض أحوال الشعوب والدول التي اعتمدت في دساتيرها وقوانينها على قيام دولها وأنظمتها بالأخذ بمعاني وأسس الدولة المدنية الحديثة، فما الذي سيرى؟ إنه سيرى البون الشاسع بين هذه وتلك ..بل إنني قد التقيت بالعديد ممن كان لهم نظرة مخالفة لمعنى الدولة المدنية قبل ذهابهم لتلك الدول والبلدان المعتمدة على النظم والقوانين المدنية ، وبعد أن مكثوا لفترات بتلك الدولة واختلطوا شعوبها، أدركوا الفوائد الجمّة ولمسوا حقيقة جملة من الحقائق عن معاني الحرية والعدالة الاجتماعية وعن الحياة الديمقراطية الحقة وعن الاستقلال الحقيقي والنزيه، لقضاء تلك البلدان ولذلك المستوى الرفيع والراقي المقرون بالوعي المدني لكافة الشرائع والقوانين المعمول بها دولياً، بل إن قضاة تلك البلدان مستوعبون الشرائع وقوانين معظم شعوب العالم بدءاً بشريعة “حمورابي” ومروراً بكافة الشرائع السماوية الثلاث وانتهاءً بقوانين بريطانيا وفرنسا الخ. وعود على بدء.. لما استهللت به الموضوع وقلت من أن اليمنيين أكثر حظاً من غيرهم من الشعوب العربية فلأن الشعب اليمني قد جرب الدولة الدينية لأكثر من ألف عام كان آخرها حكم آل البيت من آل حميد الدين. وما زالت تحضرني بهذه العجالة العديد من تصرفات حكام ومسئولي نظام بيت حميد الدين حدثت قبل قيام ثورة سبتمبر بسنوات، حيث أمر أحد حكام (الحجرية) بمصادرة ومنع أجهزة الراديو من كافة أصحاب المطاعم والدكاكين لمدينة (التربة) تحت علة وسبب أن استخدام هذه الأجهزة يحول دون هطول الأمطار على البلاد والعباد؟. وهناك العديد من الخزعبلات ، والشعوذات التي كانت تمارس من قبل حكام تلك الأنظمة.. وما زالت حتى يومنا هذا تستجn في تصرفات وسلوك البعض منا مع الأسف. وأمامنا اليوم عدد من أمثال تلك الدول الدينية وعلينا معرفة أحوال شعوبها وكيف تعيش وتحيا؟ ولا أعني هنا بحياة المأكل والمشرب وإنما أعني بما تعيشه من قيود في أفكارها وحريتها الخاصة، وحرية القول والتنقل والمروn وما إلى ذلك وما يتصل بحق الإنسان بهذه الحياة إنهم يعيشون حياة بلا طعم أو مذاق ، حياة السجون الواسعة، حياة يكتنفها الخوف والانكفاء والضياع وكأنما دورهم بهذه الحياة إنما للأكل والشرب كأية مخلوقات أخرى همها الأوحد إشباع البطون وحسب. ونسوا أو تناسوا الدور الإنساني بهذه الحياة المناط بكل إنسان تجاه أوطانهم، وتجاه مستقبل شعوبهم.. إن من يتابع تطور الأمم والشعوب الأخرى بهذا العالم يصاب بالذهول، والدهشة لما تنجز بتلك البلدان من براءات الاختراع اليومية للعديد من الشباب والشيوخ على حد سواء للإسهام بتقدم البشرية وخلاصها من العديد من معاناتها ومصاعب الحياة... أما نحن شعوب العالم العربي والإسلامي فقد بلينا بأدعياء لحماية الإسلام وهم أبعد ما يكونون عن حقيقة الإسلام وجوهره الصحيح ويكفي أننا قد خدعنا بمثل هذا الادعاء، لأكثر من ألف عام وجربنا دعاة الدول الدينية وعرفنا سيوف الإسلام جميعهم من الحسن إلى ابنه ، ثم إلى أحمد الذي لقب (بأحمد يا جناه) وعرفنا كيف ساموا شعبنا أسوأ أنواع العذابات والمهانات... ورأينا كيف ذبح احرار اليمن في كل من تعز وحجة، وعرفنا كيف أن شعبنا قد فقد العشرات، بل والمئات من أبنائه بسبب المجاعات التي ألمت بالبلاد في عام:1934و1946م وغير ذلك من الأعوام، وعرفنا كيف أن معظم أبناء الشعب قد بلغت بهم موجة الجوع والفاقة، حداً جعلهم يقتاتون من أعلاف الشجر ولحيها لسد رمق الجوع إلا أنهم رغم كل ما ألم بهم من تلك المحن والسجون واصلوا سعيهم ونضالهم الدؤوب للخلاص من ذلك الحكم الذي كانت تعاليم الدين والإسلام فيه مطبوعة على كافة مستندات البلاد الرسمية والعملة المتداولة والاختام، كان أمير المؤمنين يتصدر اسمه واجهات المساجد ودور المحاكم، وسيوف إسلامه تطلق على كافة أنجاله وأحفاده، بل وذهب الغرور والتبجح بأحمد حميد الدين إلى الادعاء ونشر ذلك بين أوساط عامة الناس، من أن له نفراً من الجان؟ ينقلون إليه كل صغيرة وكبيرة من الأخبار، أو المؤامرات التي قد تحاك ضده.. لقد أراد استغلال الدين كما تحاول بعض الجماعات هذه الأيام إلا أن الباطل زاهق لا محالة مهما كانت أساليب التضليل والتزوير ولهذا ينبغي على كل من يحرص على سلامة الدين وجوهره الرباني النقي والطاهر، عليه وعلينا جميعاً تجنيب الدين عن اهواء وغويات وأطماع شهوات التسلط والسلطة والحكم فلننزه الدين عن أطماع الدنية ودنياها؟؟ رابط المقال على الفيس بوك