منذ ولوجك الخيمة الأولى بمعرض «جراح عميقة» المُقام بصنعاء لأحداث الحروب الستة بمحافظة صعدة لن تصدّق أنّ كلّ ذلك حدث في اليمن. ياللبشاعة.. ويا للهول مما حدث بحق الأرض والإنسان وخصوصاً الأطفال واليافعين والنساء والحيوان!! أما الكبار فقد جرى بحقهم ما يندى له الجبين وتقشعرّ له الأبدان مما يجعلك أن تتمنى ولو للحظة أنّ ما تراه تصويراً وما تشاهده وتسمعه صوتاً وصورة هو مجرد فيلم هوليودي يقوم الضحية بعدها من دماره ماسحاً أنهار الدماء وبقع السواد والجراح الأليمة.. مستعيداً أشلاء جسده الممزّق.. ليصعد لمنصّة التكريم مزهواً بإجادته دور الممثل البارع.. وياليت الأمر كان كذلك. إنّ تلك المآسي الشنيعة التي حدثت بمحافظة صعدة لا تقرها فطرة إنسانية ولا يبررها دين أو قانون أو عداوة أو أيةّ أعراف دنيوية بشريّة مهما بلغ بها الحقد والتنكيل. ورغم كل ما شاهدته من مآس إنسانية حدثت بحق الفلسطينيين من آلة الدمار الصهيوني.. وما حدثت من كوارث تدميرية بحق العراق وطناً وإنساناً.. إلا أنني رأيت ما هو أبشع من كل ذلك في وطني.. وبحقّ أبناء بلدي. قد نختلف مع الفكرة الحوثيّة وقد نتفق، لكن لا شيء يبرر ذلك الفتك الذي أهلك الحرث والنسل وتلك الإبادة الجماعية والاستهداف الموغل في العبث والحقد اللأخلاقي.. إذ تم الانتقام في الغالب ممن لا حول لهم ولا قوة ولا شأن لهم بما يجري من كيدٍ سياسيّ واختلافٍ فكريّ. إنّ تلك الصور الموحشة والوثائق الواعيّة والتوثيق المرئيّ لتكالب عدة أطراف داخلية وخارجيّة على الإنسان وأرضه بمحافظة صعدة.. ستبقى شاهدة على مرّ التأريخ كم نحن بؤساء حدّ التبلّد والخروج عن دائرة الإنسانية بأقلّ استشعارها لقيمة الحياة. والحديث ذو شجون لا ينتهي.. وكم أودّ أن أكتب كل ما علق بقلبي قبل ذاكرتي من تلك المآسي الشنيعة، لكنني أتمنى على كل المختلفين قبل المتفقين مع الفكر الحوثيّ أن يذهبوا لمعرض «جراح عميقة».. ويبدأوا من هناك بالإنصات لاجوبة كل أسئلتهم العالقة والمستشرية في نفوسهم.. ثم يقرأون جيداً كيف تصنع الكوارث استمرارية حقيقية للفكر الذي تلقّى ضربات موجعة لا تحتملها أوطان فكيف بمنطقة. لهذا يجب علينا أن ننزل للواقع.. ونعي ما يحدث من كل جوانبه بدلاً من التلقّي السلبيّ وبثّ الإشاعات القميئة دون معرفة الحقيقة. أحيي القائمين على معرض «جراح عميقة» وأشكرهم كثيراً على الاحترافية الفنيّة في التنظيم والعرض والطرح من خلال الشباب المنتشرين بسلاسة في أروقة الخيَم المُعدّة للمناسبة.. وأدعوهم إلى تزويد الإعلاميين خاصة بإحصائيات رقميّة تتعلّق بكلّ تفاصيل الحروب الستة بدلاً من وجودها للعرض فقط. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك