تلخص الحرب الدائرة بين قريتين بالقرب من مدينة تعز صورة الوطن في المستقبل - ولا أقول دول المنطقة – جراء شحة الموارد المائية..وبالتالي امكانية احتدام الصراع حول ما تبقى من الينابيع والعيون، الأمر الذي سيؤدي –بالنتيجة- إلى الاحتراب حتى بين أفراد الأسرة الواحدة. منذ أيام استمعت إلى أحد أطراف هذه المشكلة وهو يروي هول المأساة والاقتتال بين أهالي المنطقة والذي أودى بحياة وجرح العشرات من المواطنين في حرب ضروس استخدم فيها الطرفان كل أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، وذلك إثر خلاف نشب بينهما حول أحقية التصرف بمصدر المياه بعد أن انحسر تدفقه في الآونة الأخيرة، حيث يدعي كل طرف ملكيته لهذا الينبوع منذ مئات السنين ، بل والأطرف من كل ذلك أن سكان هاتين القريتين تجمع بينهما أواصر القرابة والتصاهر والعيش المشترك منذ القدم.. ومع ذلك لم تحُل عنهم روابط الدم هذه من أن تقوم بينهما حرب ضروس تذكرنا بحرب داحس والغبراء! *** استحضرت هذه المأساة و أنا أتخيل صورة اليمن وقد جفت مياهه بفعل تقلبات المُناخ والحفر العشوئي والاستنزاف الجائر للمياه الجوفية جراء اتساع رقعة زراعة القات والري بالغمر، فضلاً عن الاستهلاك العبثي للمياه. ومن الطبيعي _عندها_ أن تنشب الحروب الصغيرة والكبيرة بين الأفراد والجماعات والتي لن تبقي شيئاً على هذه الأرض..وما يمكن أن يحدث في اليمن جراء حروب المياه المقبلة، يمكن أن يحدث على مستوى المنطقة العربية والتي تعد من أكثر دول العالم فقراً للمياه وعرضة أكثر من أي منطقة للتصحر والجفاف، الأمر الذي سيؤدي تلقائياً إلى حروب طاحنة ومدمرة بين دول المنطقة وشعوبها من أجل البقاء.. وهي محصلة طبيعية ومتوقعة بالنظر إلى ما يمكن أن تُرشحه ظواهر استفحال نضوب المياه، خاصة أن الدراسات والتقارير العلمية تؤكد _ ومنذ فترة طويلة _ حقيقة هذه الإشكالية المؤرقة. ولا بأس هنا_ والحال كذلك _ أن نجدد التنبيه إلى مخاطر استمرار غياب السياسات الفاعلة لإيقاف العبث والاستخدام الجائر لموارد المياه، لما في ذلك من خطورة فعلية على حاضر الوطن ومستقبل الأمة.. اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد. رابط المقال على الفيس بوك