ونحن نعيش الذكرى الخمسين لثورة أكتوبر التي لحقت بعد عام شقيقتها ثورة سبتمبر المجيدتين ، واللتين حملتا طابع التحرر من الاستبدادية الإمامية والاستعمارية ، وهبت لهما جحافل الأحرار من أبناء اليمن رغبة في طي صفحة القهر والعتو والاستعباد. وقد سادت اللحمة الوطنية نفوس الثوار في ذلكم الوقت في شمال الوطن وجنوبه ؛ فبعد أن انتفض أبناء الشمال وأشعلوا ثورة سبتمبر 1962م ضد الحكم الإمامي السلطوي شاركهم أبناء الجنوب وساندوهم في ثورتهم ، وما إن أتم أبناء الشمال ثورتهم حتى اتجهوا صوب الجنوب ليحرروا إخوانهم من سطوة الاستعمار البريطاني في ثورة أكتوبر 1963م ، معززين وحدة أرضهم وتاريخهم وجنسيتهم ولغتهم وعقيدتهم وخلصوا الوطن من كل غاشم وطهروا ترابه من أوضار الظلم وبراثن الاستبداد على رغم أن كانت تفصلهم حدود جغرافية . واليوم ، وبعد أن صارت اليمن في إطار دولة واحدة وحدود جغرافية واحدة ، تظهر بوادر مرحلة ما قبل الثورتين ، وإثر أزمات سياسية مرت بها كان للنظام السابق اليد الطولى في خلقها وحدوثها ، دعت الضرورة البعض إلى العودة باليمن إلى عصور التفرق والتمزق كحل يرونه مخرجاً من الحال الذي وصلت إليه دون التروي قليلاً والتفكير في حلول أكثر نفعاً وأقل ضرراً على كثرتها وكأن التاريخ يعيد نفسه وكأن من قالوا “ربنا باعد بين أسفارنا” يعودون من جديد ... ونحن على أعتاب اختتام فعاليات مؤتمر الحوار الوطني أجمع المتحاورون على ديباجة نهائية لشكل الدولة اليمنية الجديدة ، صرح بها رئيس الجمهورية في جلسة الافتتاح للمرحلة الأخيرة ، أن تكون الدولة اليمنية دولة اتحادية وعلى أن يكون النظام الفيدرالي هو النظام المعمول به والذي يقضي بتقسيم اليمن جغرافياً ووظيفياً إلى عدة أقاليم .. وقد أسلفت في مقال سابق بأن تطبيق الفيدرالية في ظل هذا الوضع الذي تمر به بلادنا قد يجر إلى تفكك الدولة إلى دويلات عدة ، سيما لو استمر الوضع الأمني على حاله واستمر دور الجماعات المسلحة في التخريب وفرض السيطرة ، وعلى هذا فإنا على محك خطير ومرحلة شائكة علنا نفقد فيها يمننا الموحد الذي حلمنا به طويلاً ، ولو حصل هذا لا قدر الله ، فإن ثوراتنا المجيدة التي صنعناها بأنفسنا وسطرناها بدمائنا جميعاً لن تستمر احتفالاتنا بذكراها على تراب وطننا بأكمله ، ولكن كل شطر سيحتفل بثورته وبمعزل عن أخيه الذي شاركه الانتصار والنشوة ، وحينها ستحن قلوبنا للأيام الخوالي التي جمعتنا ولم تفرقنا على تلك الملاحم الوطنية .. وهنا أسأل العقلاء من أبناء وطني سياسيين وغير سياسيين .. هل يجوز الفصل بين ثوراتنا التي أشعلناها سوياً وحققناها سوياً من أجل مشاريع صغيرة لا تغدو كونها تخدم مصالح ضيقة وإن كانت في مخيال العامة كبيرة متسعة ؟؟! أترك الجواب لكم .. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك