في هذه الايام المباركة , نعيش كيمنيين لحظات حرجة وخطيرة في تاريخ اليمن , وننتظر بفارغ الصبر النتائج النهائية لمؤتمر الحوار الوطنى , وخصوصا فيما يتعلق منها بشكل الدولة ومستقبل الوحدة اليمنية الغالية , التى بات يتهددها خطر الانفصال اذا لم يتوافق اعضاء لجنة التوفيق خلال الايام القليلة القادمة على حل فعال للقضية الجنوبية يضمن المحافظة على وحدة الوطن . وتأتي هذه الايام واللحظات الحرجة متزامنة مع ايام الحج الاكبر , وبهذه المناسبة اتمنى من كل اعضاء لجنة التوفيق , وأعضاء مؤتمر الحوار , وكل الاطراف السياسية , وكل يمني ويمنية , وهم يتابعون غدا وقفة حجاج بيت الله الكريم على صعيد عرفة الطاهر , بلباس واحد , وفي مكان واحد , وبهيئة واحدة ,. ان يستلهموا دلالات هذا الموقف , ويستفيدوا جيدا من دروس الحج في معرفة معنى وأهمية الوحدة . ففي الحج تتجلى وحدة الهدف والمصير واضحة جلية فالكل يسعى لهدف واحد، وهو طاعة الله تعالى وتوحيده، وعبادته راجيا مغفرة ذنوبه، ومحو سيئاته، والكل يسعى لمصير واحد في الدنيا والآخرة،أما في الدنيا فالجميع يسعى لمصير العز والكرامة،لتكون كلمة الله هي العليا، ولا يتحقق ذلك إلا بالوحدة ، أما في الآخرة فيسعى لمصير المؤمنين في جنات عدن. تتجلى هذه الوحدة في الحج في كل مناسكه ، فيهتف الجميع بدعاء التوحيد ، يتجهون لرب واحد، ويطوفون ببيت واحد، في مكان واحد ، ويقفون على جبل واحد، يلبسون ثيابا واحدة، أجسامهم متلاصقة ، وقلوبهم متعانقة ،العربي والأعجمي، الأبيض والأسود، والغني والفقير، الكبير والصغير، القوي والضعيف، الكل يقف صفا واحدا متلاصقا كأنهم بنيان مرصوص، يصلون في مكان واحد خلف إمام واحد، حيث لا فرقة ولا مذاهب ، ولا طائفية , هنا الكل واحد، يسعى الجميع لخدمة الجميع، ما أعظمها من صورة وما أحوجنا لهذا الدرس، وأن نسمو فوق خلافاتنا ونعتصم جميعا بحبل الله إخوة متحابين . إن في الحج بياناً عملياً لوحدة المصير والهدف، وفيه تحقيق وتأكيد لقوله تعالى: «إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون». وفي الحج تظهر الأمة كالجسد الواحد كما شبهها الرسول صلى الله عليه وسلم. في قوله: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى». كما ان أيام الحج أيام (تدريب) لمن اجتمع هناك من المسلمين على كيف يعيشون في سلام، قلوبهم طاهرة، ونفوسهم صافية، بلا أحقاد ولا نزاعات، تجمعهم المحبة والوئام، يتحمل بعضهم أخطاء بعض، ويعفو بعضهم عن زلاّت بعض، ألسنتهم عفيفة، ومقاصدهم شريفة، لا يفرقهم الجدال، ولا يثير حفيظة نفوسهم المراء، وذلك استجابة لقول الله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) البقرة - الآية 197. فإذا حقق المسلمون ذلك أيام الحج تبين لهم أن لُحمة الإسلام أقوى من أية لحمة، ووشيجة الإسلام اشد من أية وشيجة ، وعروته أوثق من كل عروة، وحينئذ يتأكدون أن ما يربطهم أقوى مما يشتتهم ، وان ما يجمعهم أكثر مما يفرقهم ، وان أخوة الإسلام أخوة حقيقية يجب أن تصان وتحفظ، فيعود الحاج حين يعود إلى بلاده وهو أشد حباً لإخوانه المسلمين ، وأكثر إيماناً بأن كل مظاهر الفرقة بين المسلمين مظاهر سطحية، وأسبابها واهية، وأنها لا بد إلى زوال. فما أروعها من لحظات حين نشاهد غدا حجاج بيت الله الحرام وقد حضروا من كل فج وصوب وخلعوا تلك الملابس المختلفة والمتباينة من على أجسادهم ، ووحدوا لباسهم ، ليجتمع بياض الثياب مع بياض القلوب ، وصفاء الظاهر مع صفاء الباطن. يتحركون جميعاً من منى ، ثم يقفون ذلك الموقف العظيم في عرفة ، وقد اتحدوا في المكان والزمان واللباس والوجهة. وبالتأكيد ستكون اروع اللحظات عندي وعند كل يمني محب لوطنه حينما نرى مختلف القوى والأطراف السياسية المشاركة فى مؤتمر الحوار الوطنى , تتفق على رؤى واحدة ومشتركة للخروج بهذا الوطن الى بر الامان وواحة التقدم والنهوض والأمن والاستقرار فهل تأتي هذه اللحظات ؟؟!!! اللهم كما الفت بين قلوب ملايين الحجاج وجمعتهم في صعيد واحد وبلباس واحد وبهتاف واحد ألف بين قلوب اليمنيين ووحد كلمتهم وجمع شملهم واحقن دمائهم , ووفقهم لما فيه خير ومصلحة اليمن ووحدتها وامنها واستقرارها . إنك ولي ذلك والقادر عليه . وكل عام وانتم بخير أستاذ التسويق المساعد / جامعة تعز رابط المقال على الفيس بوك