لماذا الخلاف والاختلاف وكلنا في سفينة واحدة؟!، ليكن خلافنا واختلافنا من أجل إنقاذ سفينة الوطن.. سفينة الوطن اليوم تتقاذفها أمواج عاتية، وأعاصير هوجاء، من كل حدب وصوب، فهي الآن وسط العباب المتلاطم، والسماء داكنة السواد، ولا ملجأ ولا نجاة إلا بالاصطفاف الوطني، والتوافق الرؤيوي، وتماسك الجبهة الداخلية وإخلاص النوايا للوطن أرضاً وإنساناً ووحدةً، أما الذين يريدون للوطن أن يعيش في دوامة الأزمات، والصراعات والخلافات اللانهائية هم أصحاب المشاريع الصغيرة، والمصالح الآنية، والمستفيدون من هكذا «فوضى واختلالات أمنية». يكفي الوطن تلاعباً بالأوراق السياسية أو الحزبية أو القبلية أو المذهبية أو الطائفية، علينا أن نفكر بعقلانية وموضوعية وشفافية مطلقة في مصلحة وإنقاذ سفينة الوطن التي مازالت تبحر وسط ظروف طبيعية قاسية مأساوية، بحر هائج، متلاطم الأمواج.. وسماء حبلى بالسحب الداكنة السواد، وأعاصير هوجاء عاتية تهب عليها من كل مكان، ما انعكس سلباً على حياة المواطن ومعيشته وحياته، مشكلتنا أننا شعب ندرك ماذا نريد، ولكن عيبنا كل العيب نتساهل ونغض الطرف عن مسائل غاية في الخطورة عندما تمس سيادة البلاد وأمنها للخطر، أين الضمائر الوطنية المخلصة التي كنا نسمع عنها ماضياً وحاضراً، ما دورها الآن؟!، لم كل هذا الصمت واللامبالاة ؟!، لابد للقوى السياسية والوطنية بمختلف أطيافها وألوانها الفكرية والحزبية والمذهبية والطائفية في هذه المرحلة الحرجة والحساسة التي تمر بها البلاد أن يكونوا عند مستوى المسؤولية الوطنية، وأن يدركوا حجم التحديات التي يمر بها الوطن، هناك قوى حاقدة وفاسدة تحاول إدخال الوطن في الفوضى الخلاقة، وفي صراعات مذهبية لتحقيق مآربها الذاتية والآنية التي تسعى من أجلها وصولاً إلى تمزيق البلاد إلى دويلات وإمارات ومشيخات. علينا أن ندرك مدى مأساوية الأوضاع الراهنة على كافة المستويات سياسياً، اقتصادياً، اجتماعياً، وأمنياً، وهذا ما يفرح أشقاءنا قبل أصدقائنا، فاليمن بلاد الإيمان والحكمة، ولذلك ينبغي علينا أن نترفع عن سفاسف الأمور وصغائرها، يهون علينا كل شيء إلا الوطن عندما نراه يطعن بسيوف أبنائه الذين تنكروا له من أجل أطماع دنيوية زائلة.. ومنافع ذاتية فانية.. علينا أن نستفيد من أخطاء الماضي، وتجارب الآخرين، كل الأنظمة الفاسدة المستبدة مصيرها مزبلة التاريخ، وكل الثقافات المبرمجة لخدمة السلطان أو الحاكم لابد أن تتهاوى في لحظة جيشان الشعوب، ومهما كانت قوة القبضة الحديدية في السلطة لابد أن يمر عليها يوم عصيب، بسبب التعالي والكبرياء والخيلاء، لذا لا داعي لتكرار سياسة افتعال الأزمات، وثقافة النخب الأسرية، وتكميم أفواه القوى الوطنية الشريفة بإرسالهم إلى سفارات الخارج، فالوطن لا يبنى بالمكايدات، ولا بالمزايدات، ولا برفع الشعارات الجوفاء، بل بالرجال الشرفاء المخلصين الأوفياء الذين يدركون الأمانة الوطنية والولاء الوطني الصادق، وحب الإيثار من أجل مصلحة الوطن العليا، أما كيل الوعود الكاذبة.. والعمل من وراء الكواليس، فهذا من شيم أشباه الرجال، فالمرحلة مهمة وخطيرة ولذلك لابد من تكريس الثقافة الوطنية وترسيخها بين أوساط أبناء الوطن الواحد، وغرس القيم والمبادئ الوطنية، والولاء الوطني في قلوبهم وعقولهم ووجدانهم، وفي مقدمتهم هذا الجيل الجديد الذي يعيش مرحلة الانفصام والذهان بسبب الأوضاع السياسية الراهنة التي تمر بها البلاد.. فلابد من تصحيح المسار الديمقراطي والثقافي والثوري في ظل رؤى توافقية وطنية بعيداً عن المناكفات والصراعات الفكرية والمذهبية والحزبية، فمازال الأمل يحدونا خاصة من الرجال الوطنيين الشرفاء في هذه البلاد بأن يواصلوا المسيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من اجل مصلحة الوطن العليا، ونحن في انتظار بزوغ فجر جديد ليمن جديد، فلا يأس، ولا قنوط طالما هناك رجال شرفاء، أوفياء باعوا أنفسهم لأجل تقدم وازدهار ورقي واستقرار اليمن..