ليتهم يتسابقون لخمد الفتنة قبل وقوعها كما يتسابق الكثير اليوم لإذكاء جذوتها وشررها لا لسبب سوى نكاية أو تصفية حسابات سابقة . لنفترض أن هناك فصيلاً بالفعل تعدى وأخطأ في حق الطرف الآخر ..أليس من الواجب الشرعي أن يسارع البقية خصوصا نخبة المجتمع وفي مقدمتهم الأحزاب والعلماء للملمة الشمل والمسارعة في الصلح امتثالا لأمر الله ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ) أم أن هذه الآية في نظرهم تخص قوما آخرين؟!. كم هو محزن أن نرى من يسارع للحشد والتجييش وإلقاء التصريحات النارية يمينا وشمالا وكأننا أمام عدو خارجي لا طائفتين متصارعتين. وكأن خمد الفتنة بمفهومهم أن يكون بخمد الطرف الآخر والإجهاز عليه نهائيا ليخلو الجو للبقية وبهذا تسلم اليمن من كل شر!. يصاب الواحد بالاندهاش والحسرة من هذا التصرف الأرعن الخالي من الضمير الإنساني والذي يحمل تفسيرا واحدا وهو الكراهية المتأصلة والمترسخة بين أبناء يعيشون في بلد واحد ويدينون جميعا بدين الإسلام . هل الحل الأمثل لمثل هذه القضية الحاصلة أن نذهب جميعا خلف عاطفتنا المستغلة سريعا دون تفكير أو تريث لإيجاد حل أكثر نفعاً يكون فيه مخرجنا جميعاً ؟ لماذا البعض بدلاً من أن يطفئ النار يسعى لصب الزيت عليها أكثر؟ هل يتخيلون أن النار إذا شبت يمكن أن تتوقف سريعاً أو أن الناس سيتلهون بها؟ التجييش بدعوى نصرة المظلوم والدفاع عن النساء والأطفال واستخدام المصطلحات العاطفية لكسب مشاعر الناس واستحضار آيات الجهاد للدفع بهم نحو القتال لن تزيد كل ذلك سوى مضاعفة الآلام والجروح. ستنتهي هذه الحرب يوما ما وتتوقف كسابقاتها من الحروب المستديمة لكن مسبباتها ستظل حاضرة تتولد من جديد وتتضخم ثم تنفجر في أي لحظة زمنية قادمة بحرب وموقعة أخرى. الحل الأمثل والأنجع هو إطفاء الكراهية التي أنتجتها ثقافتنا المتأصلة منذ القدم أقصد العصور التي نشأت فيها ثقافة الانقسام والمذهبية وعوامل سياسية خلفت تراكمات عقدية متشعبة أوجدت كل هذه النتوءات وشرخت العقول قبل شرخ الرؤوس وإسالة الدماء. كل هذه الحروب وتصفية الحسابات ناتجة لثقافة فقهية نشأت عليها أجيالا وما زالت تتخرج من كهوف الكراهية والأحقاد والتملك والاستبداد.. كتب فقهية تسير العقول وتقودها إلى الآن تستحضر معارك سابقة نشبت بين أقوام سابقين وما زلنا نستدعيها إلى اليوم لنجدد معاركهم في عصرنا الحاضر و عصورنا القادمة للأسف.. فهل آن الأوان للتخلص من هذه المسببات القديمة وذلك بمراجعة فقهنا وتراثنا وغربلته مما علق به وترسب في قعره.؟ نحتاج إلى مراكز تصحيح كل كتبنا التراثية وتوحيد أصولها الضرورية ..نحن بحاجة إلى إعادة صياغة عقولنا ودمجنا من جديد أقصد علومنا والاستكفاء بالأصل الأكبر والأهم وهو القرآن الكريم لتنشأ أجيالاً قادمة موحدة في التصور مهمتها إعمار الأرض لا خرابها. رابط المقال على الفيس بوك