“نشوان الحميري”(ت: 573 ه) من أهل بلدة “ حوث “ من بلاد حاشد، شمالي صنعاء، ويعود نسبه إلى “ حسان ذي مراثد من ملوك حمير”، أحد أبرز أعلام التراث اليمني، ويلقب ب«الأمير»، كونه ثار على الأئمة، وتملك لبعض الوقت على منطقة “صبر”، التي ينسبه بعضهم إليها، وهي منطقة تقع في صعدة، وقد التبست على ياقوت الحموي في (معجم البلدان) مع جبل صبر “ المطل على قلعة تعز”، فتوهم ياقوت أن نشوان تملك في تعز. كان نشوان عالماً موسوعياً ومؤلفاً وشاعراً، “القصيدة الحميرية” أشهر أشعاره، أما أشهر أعماله وأضخمها على الإطلاق، فهو كتاب (شمس العلوم، ودواء كلام العرب من الكلوم)، ويتضمن مادة غزيرة من الأبنية اللغوية مرتبة بنظام خاص معقد، كما يتضمن مادة هائلة من المعارف الموسوعية في الطب والفقه والفلك واللغة والأنساب ، بجانب آرائه الفقهية السياسية التي ضمنها فكره الثوري السياسي، ورأيه حول نظام الإمامة الزيدية وولاية آل البيت، الفكرة التي كان معارضا لها بشدة.. “قال القفطي: كان يفضل قومه اليمنيين على الحجازيين، ويفاخر عدنان بقحطان، وله في ذلك نقائض مع الأشراف”، وبغض النظر إن كان ذلك رد فعل على عنصرية السادة والأشراف الهاشميين أم لا، فقد تمادى نشوان الحميري في التعصب والعنصرية العرقية التي تصل ذروتها عندما يفضل القحطانيين ليس على العدنانيين فحسب، بل على البشر أجمعين باعتبارهم جُبلوا من مادة أرقى من التي جُبل منها بقية البشر، وذلك في مثل قوله: فافخر بقحطان على كل الورى ... فالناس من طينٍ وهم من جوهرِ! كتاب “ شمس العلوم “ معجم أبنية، ويمثل رقما مهما بين المعاجم العربية، بجانب كونه موسوعة معرفية شاملة، حُقق وطُبع لأول مرة في عهد المملكة المتوكلية اليمنية، حققه الأستاذ: “عبد الله الجرافي”، بتكليف من الإمام يحيى حميد الدين، وطُبع في دار إحياء الكتب المصرية, القاهرة، عام “1955م” تقريبا، مصدّراً بإهداء للإمام أحمد الذي طُبع الكتاب في عهده. يعكس اهتمام الإمامين يحيى وابنه أحمد، بتحقيق الكتاب وطبعه فكرة إيجابية عن العقلية المنفتحة لهما، وعدم تعصبهما المذهبي أو العرقي بشكل حاسم، تجاه الآخر الذي هو هنا نشوان الحميري بما عرف عنه من تاريخ ثوري مناوئ للأئمة الزيدية، سياسيا وفكريا وفقهيا وعرقيا، وثورته عليهم، وقصائده المسلطة عليهم. كانت طبعة العهد الملكي من كتاب “شمس العلوم” يعتريها الكثير من القصور، ولم يلتفت النظام الجمهوري سوى في وقت متأخر كثيرا، لأهمية الكتاب وإعادة تحقيقه بشكل يليق بأهميته، فأُعيد تحقيقه على أيدي مجموعة من الأساتذة المؤرخين، منهم مطهر الإرياني, ويوسف محمد عبدالله, وطبع في دار الفكر المعاصر, بيروت , عام “1999م” مصدّراً بإهداء لرئيس الجمهورية السابق هذه المرة..!. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك