تكشف الفترة التي تلت ثورة 30 يونيو 2013م في مصر عن وجه من أوجه الأزمة العاصفة بجماعة الإخوان في مصر وفي كل من تونس وليبيا واليمن، فجماعة الإخوان في مصر حدّدت مهمتها بعد عزل محمد مرسي بإسقاط ما تسمّيه «سلطة الانقلاب واستعادة ما تصفه بالشرعية» لكنها لم تتخذ حتى الآن استراتيجية عمل واضحة في بيان الوسائل والأساليب الملائمة والفعّالة لتحقيق هدف إسقاط النظام. يمكن للباحث المنهجي الاستنباط بدراسته لموقف وأداء إخوان مصر بعد ثورة يونيو نتائج قاطعة في دلالتها على فشل الجماعة في صياغة برنامج حركي فاعل ومؤثّر, وعلى أن الجماعة تخسر كل يوم من رصيد قدرتها على التنظيم والحشد الأداء, في اتجاه يسير بها إلى الخسارة الكاملة على المديين: البعيد والقريب، وأن ذلك كان حتماً مقضياً بقراءة الجماعة للواقع والوقائع قراءة خاطئة في التوصيف وفي التقييم, وفي التقدير للممكن والمحتمل من قوتها على الفعل وقدرتها على التأثير. تعتقد الجماعة أن شرعيتها مطلقة ومشروعيتها كاملة, لهذا لن يقدر على إسقاطها أحد, ولن يقبل بالانقلاب عليها شعب مصر ولا قوى التأثير الخارجي في المحيط العربي والعالم, والخطأ القاتل في هذا الاعتقاد يكمن في تصوّر الجماعة لجماهيريتها الكبيرة بديلاً لشعب مصر, ويقينها بقوة حلفائها على إجبار ما تسميه «سلطة الانقلاب» على التراجع والعودة إلى شرعية حكم مرسي, وهي هنا لم تدرك أو ربما تتجاهل أنها بقيت منذ تسلُّم مرسي رئاسة مصر جماعة في مواجهة الجميع, وأن متغيرات جرت في المحيط العربي والمجتمع الدولي أعادت تشكيل قوة وتأثير الضغوط الأجنبية خاصة ضغوط المجلس الخليجي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةالأمريكية. كان على الجماعة في مصر أن تتخذ بعد 30 يونيو استراتيجية مزدوجة, تعمل في جانب منها هو الأهم على ترميم ما دمّرته الجماعة في علاقاتها بالقوى المصرية الأخرى, وبهيئات ومؤسسات الدولة وفي الجانب المكمّل لهذه الاستراتيجية تعمل الجماعة على مراجعة تجربتها وتقييم أدائها, لتعيد صياغة مشروعها السياسي, وخاصة ما يتعلّق منه بمدنية الدولة ومبدأ المواطنة, وتمكين المرأة, ذلك أن الجماعة بعد الأغلبية العددية في صناديق الاقتراع عملت بقوة وسرعة على إقصاء الشراكة وتمكين الجماعة, واستبدال الانتقال الديمقراطي بعملية أخونة فشلت أو أفشلت لا فرق, لكنها سرّعت سقوط الإخوان الذين عملوا بأنفسهم على إهدار فرصتهم وتعجيل سقوطهم وخسارتهم الكاملة..!!. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك