الإنسان مسؤول عن تعمير الأرض بأمر الله تعالى منذ أن انتقل آدم وحواء إلى الأرض، بعد أن أغراهما إبليس بأكل الفاكهة التي نهاهما الله عن أكلها، وقبل جل جلاله استغفار آدم وتوبته وواجه منذ بداياته في الأرض - عليه السلام - أول مشكلة كبرى حين قتل أحد أبنائه أخاه ولم يعرف كيف يواريه التراب فبعث الله غراباً يبحث في الأرض ليريه كيف يدفنه. فعمرت أقوامٌ الأرض التي خلقت فيها، وجاءت أمم أخرى عمرتها أكثر مما عمروها، إلى أن استقووا على غيرهم ففكروا بغزوهم واحتلال أوطانهم لتوسيع امبراطورياتهم وتجارتهم كما كان الحال في الامبراطوريتين الرومانية والفارسية، وقامت حروب بينهما من أجل التوسع، وكان سكان المناطق الضعيفة التي أخضعوها لإرادتهم هم أكثر الضحايا كعبيد مجندين لا خيار لهم إلا القتال ضد أعدائهم أو القتل. فكم قتل الرومان من أبناء العرب والمسلمين، وفعل الفرس نفس الشيء، وتحيّنت قوى أخرى مثل بريطانيا وفرنسا وأسبانيا وأمريكاوألمانيا والبرتغال وبلجيكا الفرص لاحتلال كل أفريقيا وأمريكا الشمالية التي تتكون من الولاياتالمتحدة وكندا وأمريكا الجنوبية والدول العربية وبعض دول آسيا وجنوبها وشرقها والهند والصين، إلى أن قامت الحرب العالمية الأولى عام 1914م، واستمرت أربع سنوات، ومات الملايين من أبنائهم وأبناء المستعمرات. وبعد ثلاث وعشرين سنة أعلن هتلر الحرب على النمسا وبولندا ليمتد بصره إلى بريطانيا وفرنسا الامبراطوريتين القويتين والواسعتين، وشكل مع اليابان وإيطاليا المحور الذي يواجه الحلفاء - أي دول أوروبا المذكورة والولاياتالمتحدة - وانضمت تركيا بقيادة مصطفى أتاتورك إلى المحور لتخسر بعض المناطق العربية والأوروبية الشرقية التي كانت تحتلها لسنوات طويلة، وقد أنشأت أمريكا مشروع مارشارل لإعادة إعمار أوروبا بعد تقسيم ألمانيا بين دول الحلف والاتحاد السوفيتي واليابان، فأعادت كل من اليابانوألمانيا الغربية الحياة بكل صورها إلى كل مدينة وقرية ضربتها قنابل الطائرات ومدافع البوارج البحرية، ومن ذلك مدينتا هيروشيما ونجازاكي اليابانيتان، اللتان دمرتهما القنابل الذرية تماماً لتصبحا - أي اليابانوألمانيا الغربية - النموذج المذهل، ومعهما الصين التي اعتمدت على نفسها بقيادة ماوتسي تونج الإنسان القوي المتماسك؛ بحيث بنيت المصانع، وأقيمت السكك الحديدية، وتميزتا بصناعاتهما ذات الجودة، رغم الدعاية الغربية ضد اليابان بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية من الناحية التجارية والصناعية. واستمر الطموح الياباني والألماني والصيني يشق طريق نجاحه في الأسواق العالمية وخاصة دول العالم الثالث وعلى رأسها اليمن التي انشغل أهلها بصغائر الأسس التي تبنى عليها الحياة الغريبة جداً كزراعة وتعاطي القات والنزاعات القديمة والمستحدثة وفي مقدمتها الثأر والأراضي والمياه وزيادة الإنجاب، فكان هذا الانفجار البشري المتسارع الذي لن تكفيه المساحات الباقية التي لم يحتلها القات، ومن ينظر إلى الشوارع والمدارس والمشافي التي تتكدس بالأطفال سواء الأصحاء أو المرضى فسيدرك إذا كان يفكر صحيحاً أننا الشعب الوحيد الذي لا ينظر إلى أبعد من أنفه للمستقبل الذي نأكل فيه مما نزرع ونلبس فيه مما نصنع في ظل حروب الاستنزاف التي يخوضها المتاجرون بالوطنية والدين. رابط المقال على الفيس بوك