لا ينتهي المسار العلمي والبحث لعضو هيئة التدريس بالجامعة بمجرد حصوله على درجة الدكتوراه والتحاقه بسلك التدريس في الجامعة , بل على العكس من ذلك أعتقد ومن وجهة نظري أن البداية الحقيقية في مسار العمل الأكاديمي والبحث العلمي لعضو هيئة التدريس بالجامعات تبدأ بحصوله على درجة الدكتوراه و الانخراط في سلك العمل الأكاديمي والبحثي . فما تلقاه عضو هيئة التدريس من معارف ومهارات وأساسيات البحث العلمي خلال رحلتي الماجستير والدكتوراه تجعله يقف في بداية الطريق الصحيح لتطبيق ما تعلمه واكتسبه من مهارات وأساسيات البحث العلمي في الواقع العملي لخدمة طلابه ومجتمعه فيعمل على إكساب طلابه المعارف والمهارات التي تجعل منهم عناصر مفيدة في المجتمع . ويقوم بإجراء البحوث والدراسات التي تفيده شخصيا في تطوير وتنمية مهاراته ووضعه الأكاديمي ومن ناحية أخرى تفيد طلابه ومجتمعه وتساهم في تنمية وتطوير المجتمع في المجال أو التخصص الذي ينتمي إليه . وقد أتاح قانون الجامعات اليمنية فرصة الترقي لأعضاء هيئة التدريس من درجة أستاذ مساعد إلى أستاذ مشارك ثم أستاذ ووضع شروط معينة لذلك , وأكد معالي وزير التعليم العالي في احدى الفعاليات العلمية , أن هناك تعديلات وإجراءات تتعلق بترقية أعضاء هيئة التدريس يتضمنها قانون الجامعات والتعليم العالي منها على سبيل المثال تحويل كل من مر على تعيينه سبع سنوات فأكثر ولم يتقدم للترقية في الجامعات الحكومية في العمل الأكاديمي إلى وظائف إدارية لأن ذلك يعني أن عضو هيئة التدريس الذي تجاوز هذه المدة ولم ينتج بحث علميا أو يؤلف كتابا واحدا على الأقل لا يصلح لأن يكون أستاذا جامعيا يعول عليه تخريج أجيال متعلمة وباحثة تفيد المجتمع في شتى المجالات . ولو نظرنا إلى هذا الجانب في جامعاتنا الحكومية لرئينا العجب العجاب فهناك أعضاء هيئة تدريس مر على تعيينهم بعد حصولهم على الدكتوراه أعواما عديدة وأزمنة مديدة لم ينتجوا خلالها بحثا علميا أو كتابا واحدا على الأقل وما زالوا إلى اليوم يعتمدون في تدريسهم وأدائهم الأكاديمي على مراجع ووسائل تعليمية تقليدية مضى عليها الزمن وتجاوزها قطار التحديث والعولمة والتطور التكنولوجي ولو بحثنا في أسباب وجود هؤلاء الفئة من أعضاء هيئة التدريس الخارجين عن نطاق الترقية في جامعاتنا الحكومية لوجدنا أن هناك عدة أسباب أبرزها انشغال معظم هؤلاء بأعمال ومهام خاصة خارج نطاق الجامعة أخذت كل وقتهم فلم يجدوا الوقت الكافي للبحث العلمي أو التأليف وبالكاد يحضرون إلى الجامعات لأداء محاضراتهم مرة في الأسبوع أو مرة كل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع . ومن هؤلاء من شغلتهم مناهجهم الإدارية داخل الجامعات عن الاهتمام بالجانب الأكاديمي والبحث العلمي ومن هؤلاء وللأسف الشديد من يتفرغون لنشر بذور الفتنة و الفرقة والاختلاف والفتن بين زملائهم داخل كليات وأقسام الجامعات بدلا من التفرغ للبحث العلمي وغرس بذور العلم والأخلاق النبيلة بين طلابهم وتعزيز قيم الحب والتسامح والفناء لهذا الوطن المعطاء الذي كان له الفضل الأول فيما وصل إليه هؤلاء من تأهيل ودرجات أكاديمية . وفي الختام أناشد الأستاذ الدكتور معالي وزير التعليم العالي ورؤساء الجامعات الحكومية ونوابهم ان يتقوا الله في هذا الوطن ويدركوا عظم المسؤولية الملقاة على عاتقهم نحو أبناء هذا الوطن المعطاء الذين توجهوا صوب الجامعات أولا في اكتساب مهارات ومعارف حديثة تواكب روح العصر ومتطلبات سوق العمل وتفتح الطريق أمامهم لبناء مستقبلهم وخدمة مجتمعهم لكنهم وللأسف الشديد وجدوا في بعض مدرجاتها وقاعاتها وأقسامها ومقرراتها ما يحطم آمالهم ويعيدهم سنوات إلى الوراء أو يلقي بهم بعد تخرجهم في سلة البطالة وصفوف العاطلين عن العمل بشهادات ورقية أو كرتونية لا يمتلك حاملوها أدنى المعارف والمهارات الحديثة التي يتطلبها سوق العمل . فلا بد من تفعيل وتطوير القوانين واللوائح الأكاديمية المتعلقة بتعيين وترقيه وتقييم أداء أعضاء هيئة التدريس بالجامعات الحكومية وتنمية مهاراتهم وقدراتهم التدريسية والبحثية بشكل دوري ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب , والعمل الجاد على تحسين وتطوير جودة الأداء الأكاديمي والبحثي في الجامعات وتوفير وتطبيق الأساليب والأدوات الحديثة في التعليم العالي وتعزيز الشراكة المجتمعية في البحث العلمي وتوفير البيئة المناسبة والمشجعة لعضو هيئة التدريس على العطاء والتفرغ للبحث العلمي ليصبح عنصراً مفيداً لطلابه وجامعته ومجتمعه . * أستاذ التسويق المساعد / جامعة تعز رابط المقال على الفيس بوك