لماذا صنعاء ماطرة هذا الشتاء ؟! ..قالت عائشة : لأنها استنشقت الحب أخيراً ، هكذا دخل الحب غزيراً ليسكن خواء العاصمة ، المدينة التي ألِفت الحرب والسياسة ولون الدم يمخرها الحب بزهوٍ هذه المرة . أثناء لقائنا مع هدى وعرفات في إحدى قاعات المحكمة بصنعاء ، كنت أنا وتوكل كرمان وعفراء حبوري وعائشة البذيجي والشبل حسام المليكي نجادل انفسنا مع أي نوع من الحب نلتقي الآن ؟ ، الحب الذي لم يخطر على بال هذا الوطن يوما أن تحدث كل هذه التراجيديا على سفح أرضه .. حين دخل عرفات إلى الغرفة التي نتواجد فيها، قالت هدى وبصوت يحمل من الحب ما يكفي ، عرفات ، عرفات .. نكزت توكل في كتفها وهي تلوح بيدها إلى الجهة التي يدخل منها الصقر اليماني عرفات محمد .. بصراحة غِيرة كبيرة تلبستنا جميعاً ، اندهاش مسكون بالغرابة ، أنا لم اشهد حباً يجعل من الحبيبة تضحي بكل الذي ضحته من أجل حبيبها ، لم أر شاباً محظوظاً بكل هذا الجمال والعنفوان سواك يا عرفات ، عرفات شاب بسيط جداً .. أراد له القدر أن يكون احد أفذاذه الميامين ، من يتقرب إلى عرفات يعرف وفرة الصدق والمشاعر النبيلة تجاه هدى .. الشاب العشريني الذي أتى من بيئة وافرة بالنضال شحيحة من الحب ، يتدثر الآن بالحب من كل جوانبه . انطلقنا من تعز إلى صنعاء في قافلة هدفت الانتصار لهدى ، هكذا أرادت تعز وهي المدينة الغنية بالإرث التاريخي والعاطفي ، منذ قبل قصص وروايات محمد عبدالولي حتى اليوم ، رمت تعز كل ثقلها العاطفي وجعلته على خاصرة صنعاء لتنقذ حياة هدى المهددة بالترحيل إلى السعودية ، صنعاء التي تؤمن بالوجاهة القبلية اكثر مما تؤمن بأن يكون الحب هو الجاه والقبيلة والعُرف أيضاً .. هذه المرة كانت صنعاء في صدارة مشهد الهتاف لأجل الإنسانية والجمال . كنا في الموعد ، كان المجتمع يستغرب ، كيف لهؤلاء المجانين ، ويقصدوننا نحن ، أن نذهب إلى صنعاء لننتصر لحب هدى وعرفات وخلفنا ، يقصدون تعز ، مدينة مملوءة بالخراب والانفلات ؟! ، لم يعرف الكثير أن الحب هو الوطن ، واذا وجدنا بيئة مليئة بالحب بالتأكيد سنعيش في بيئة مليئة وغزيرة بالحياة .. ومنذ متى كانت تعز لا تتقدم صفوف الانتصار للحب والجمال وللإنسانية التي كست هذه القضية أولاً وأخيراً ؟! حققت القافلة أهدافها كاملة غير منقوصة ، حشدت الناس في صنعاء إلى أمام المحكمة ، جميعهم حملوا شعارات منددة بعدم منح هدى حق اللجوء الإنساني ، جميعنا قلنا ، لينتصر حق الإنسان في حماية حياته المهددة بالموت والإفناء في البلدان التي وفدوا منها. قلت لهدى أثناء لقائي بها ، ما هي رسالتك لأهلك يا هدى ، قالت أن ينظروا لهذه الحشود التي أتت من أجلي مناصرة لي وان يدركوا الوقت ليناصروا قضية قراري وحبي لعرفات ، هدى إنسانة نقية وجميلة ، لم تحب أن تعيش على هامش الحياة من اجل إرضاء الآخرين على حساب سعادتها وصفاء قلبها .. الخيانة هي أن تحب ولا تعطي لهذا الحب قداسته وان لا تستسلم للظروف المحيطة مهما كانت قسوتها . أما عرفات ، فهو يمثل الوفاء اليمني ، نحن نرى أن هدى أعادت الاعتبار لتعريف المواطن اليمني المشوهة صورته في الجوار ، جراء موجات سياسية نحتت في أخلاق الجميع ، حتى صار المواطن اليمني لديهم مجرد شغال وبس ، لا تحق له الحياة الكريمة ولا يليق به العيش الكريم .. الكرامة التي إن لم تكن يمنية المنشأ ، لن تستوفي شروط بقائها..! قررت المحكمة منح هدى فرصة مقابلة مفوضية شؤون اللاجئين ، وتعبئة استمارة طلب اللجوء ، و إن انتهت معاملة اللجوء ستقرر المحكمة الإفراج عن هدى ، وتسليمها إلى المفوضية التي ستقوم هي مع السلطات اليمنية والشعب اليمني بحماية هدى ، هدى خرجت سعيدة من قاعة المحكمة ، كانت مبتسمة ، زادت سعادتها بعد خروجها من مقابلتها مع مفوضية شؤون اللاجئين، كان عرفات قد قرر أن يكون زواجهما الأسبوع القادم ، قلت لهدى ما رأيك ؟ قالت : “ اللي يبغاه عرفات أنا موافقة “ .. حتى حين قالت احدى الحاضرات لعرفات إن مهر هدى لا يقدر حتى بالذهب مقابل الحب والوفاء والتضحية التي ضحتها ، قالت هدى لعرفات : ما ابغى شيء يا عمري .. أبغاك أنت وبس .! هكذا جعلت هدى من ساحة المحكمة الجافة وجدرانها المتشحة بعبارات مطالبة بالعدالة والوفاء ، جعلتها مليئة بالحب ، كثيرة بالعاطفة ، أحسست أن كل شيء يحب ويمارس طبيعته العاطفية في صنعاء .. الحشود التي تجمهرت أمام المحكمة لم تحسب حساب الإجراءات القضائية ، كان الكل يأمل أن تخرج هدى ذلك اليوم ، لكن المحكمة قررت الإفراج عن عرفات فقط لكنه أبى إلا أن يخرج مع هدى ، هدى ستخرج هذا اليوم إن شاء الله ، ونحن في قافلة “ تعز نلبي نداء الحب والإنسانية “ننتظر هذا بشوق ، نريد أن نطمئن على حياة هدى ، لا نعادي أحداً لكننا شعب يحب الحياة ، فنحن الذين قمنا لإسقاط النظام ، ها نحن نقف اليوم بثورة من أجل الغرام .. الحياة للإنسان .. الحرية والسعادة لهدى وعرفات ، المجد لليمن . رابط المقال على الفيس بوك