كل هذه الدماء من أجل من وعلى ماذا، أيعقل أن تهدر دماء اليمنيين هكذا، بكل رخص، بكل قسوة ووحشية، فالضارب المخطط لوزارة الدفاع لم يكن يهدف لمجرد قتل العساكر أو الأطباء الأجانب واليمنيين، بل كان هدفه أن يوجه لنا صفعة نجسة لتوقظنا، وتعرفنا إلى أين وصل الحال في بلادنا، ولتدين كل الجهات هذه المجزرة، وتعلن القاعدة مسئوليتها عن الحادث، وانتهى الموضوع، والخيانة والغدر وكل ما صدمنا به، لا قيمة، فهل يعقل أن كل تلك الجريمة بما تحمل من بشاعة وحقد وخروج عن الآدمية حصلت بين عشية وضحاها، من غير تخطيط مسبق وخيانة قذرة من الداخل لتنفذ بتلك الطريقة الوحشية الحاقدة الغادرة، ليجزر الناس بكل وحشية، كأننا أمام فيلم وحشي مرعب لكنه حقيقة، حقيقة سحقتنا سحقاً، فهل هذه الدولة المدنية التي نشدناها، وهل هذا الأمن الذي ضحينا لأجله لنعيش في ظله، وأين الاستخبارات والأمن القومي والسياسي، والاحترازات الأمنية التي تستخدم على المواطنين الفقراء المساكين، إذن ما نفع كل ما تصرفه الدولة الرواتب الباهظة للضباط الكبار والموت للعساكر الصغار المحرومين حتى من الموت بكرامة، الذين يسحقون سحقاً دون أدنى إحساس بآدميتهم، فكم من أسر فقدوا معيلهم، معيلهم الفقير الذي يضحي بنفسه لأجل الراتب الذي لا يكفيهم لحق الخبز أو الايجار ، أو حتى مسكن للألم. ومر الموضوع كما مرت مواضيع سابقة لكن للأسف هذه المرة ممزوج بإحساس لن يغادرنا بمعنى الخذلان والخوف والضياع.. فهل يعقل أننا بتنا مجرد لعبة، تتقاذفها أطراف متعددة، تلعب بها قليلاً لتتسلى ثم ينتهي كل شيء، لم يعد لدى المواطن اليمني أي إحساس عابر بأنه له بلد وحكومة ودولة لها هيبة ولها قدرة حتى على حماية هذا المواطن، الذي يموت جوعاً تحت سمائها، لتفقده حتى الأمان، فإذا كانت وزارة الدفاع التي وجدت أصلاً للدفاع عن هذا الوطن، تتحول لمسرح لجريمة شنيعة، لا يفرق مرتكبوها بين طبيب ومريض، وعسكري جائع ، وتجسد أسوأ فيلم رعب عرفه البشر، فكيف بما سيأتي.. وليت المسئولين في الجهات المعنية بعد تلك الفاجعة، طلوا بطلتهم البهية على الناس ليتحدثوا عن الجريمة، حتى مجرد حديث، مجرد إدانة، أو حتى ردة فعل نشعر من خلالها أن لنا دولة لو كنت في مكان واحد منهم، لقتلت نفسي بنفس الطريقة التي مات فيها الأطباء والمرضى والممرضين، وكل العسكر والجنود الذين من عاش منهم سيعيش معاقاً طوال حياته، ولن يعيره أحد مجرد اهتمام، وربما أوقفوا معاشه، لأنه في يوم من الأيام كان ضحية، للوطن الذي لا يعترف به، بات يخالجنا إحساس غريب بالضياع والتيه، في بلد نخاف أن نموت فيه بهذه الشناعة والبشاعة، ولن نحترم فيه، ونعامل كبشر أحياء كنا أم أمواتاً.. للشهداء الرحمة، وعلى القتلة سيحل عاجلاً عذابه ونقمته وعدله، ولنا من الله الصبر والسلوان، فعليك بهم جميعاً يارب فهم لا يعجزونك وبالخونة منا أولاً.. يارب. رابط المقال على الفيس بوك