سيظل العمل من أجل تعزيز الوحدة الوطنية للشعب اليمني والمحافظة عليها والتمسك بها، الضمانة الوحيدة للفعل المقتدر لليمنيين في مواجهة كل التحدّيات والمخاطر المحدقة بوطنهم، وفي مقدمتها تحدي الإرهاب، وهي التحدّيات التي تعترض مسيرة البناء والتطور المنشود، والنهج الديمقراطي المعزز بالتعددية السياسية والحزبية، وكفالة الحريات العامة والخاصة، والوصول إلى مجتمع الرفاهية والرخاء؛ كون ذلك مسئولية وطنية لا يمكن لأحد أن يتملص منها مهما كانت المبررات، لأن قداسة الوطن والحفاظ على وحدته وسلامته وعُرى تماسكه الاجتماعي والجغرافي والسياسي مسئولية جسيمة وعظيمة تقع على عاتق الجميع، وتتعاظم أكثر عند استشعار أي خطر يمكن أن يلحق بهم وبوطنهم إذا هم فرّطوا أو تساهلوا في مسألة مصيرية كالوحدة الوطنية، التي لن يذكر لهم التاريخ فعلاً إيجابياً في تاريخهم المعاصر سوى أنهم صنعوا معجزة فاجأت العالم بإعادة تحقيق الوحدة اليمنية في زمن كانت الكثير من الدول والكيانات تشهد حالة من التمزق والتفكك والانهيار في ظل ما سُمّي بالنظام العالمي الجديد الذي يسعى إلى تفتيت الدول وبالذات الدول العربية والإسلامية، وتمزيق أواصر شعوبها، وإشاعة أجواء الفوضى بشقيها «الخلّاق وغير الخلّاق» والإمعان في تدمير قدرات الشعوب التي تحاول النهوض وتجاوز واقعها المتخلّف والمتعثر وحالة التشرذم والجمود بسبب العجز الفاضح في بنية بعض الأنظمة العربية والإسلامية، وبالتالي التخلص من الهيمنة والسيطرة الاستعمارية الجديدة المباشرة وغير المباشرة.. إن الواجب الديني والوطني يحتم على اليمنيين بكل شرائحهم وفئاتهم وأطيافهم الحزبية والسياسية والفكرية والاجتماعية التمسك بوحدتهم والمحافظة عليها، كون ذلك يرتبط ارتباطاً مباشراً بتمكينهم من مواجهة التحدّيات المختلفة، وهي تحدّيات لا تنفصل عن المخاطر التي تفرزها المتغيرات الإقليمية والدولية، والتي تستهدف الأمة العربية والإسلامية بحضارتها وجغرافيتها وسيادة أوطانها ومقدرات شعوبها، بسبب حالة التشرذم والجمود والعجز الفاضح في بنية بعض الأنظمة العربية والإسلامية، وعدم قدرتها على استيعاب روح العصر ومتغيراته، التي يعتبر التخلّف عنها حالة أشبه بالغرق في دوامة مفرغة لا تنتج إلّا المزيد من الضياع والوهن والضعف وتُنذر بنتائج وخيمة غير محسوبة العواقب. إن الوحدة اليمنية تواجه في الظروف الراهنة مخاطر جمة، أهمها وأسوأها تلك الدعوات الهدامة المتجردة من أدنى شعور وطني لدى الذين يسعون إلى العودة باليمن إلى ماقبل 22 مايو 1990م، ونشر وترسيخ ثقافة الكراهية والحقد بين أبناء الوطن الواحد من قبل من أفقدتهم الوحدة مصالحهم الذاتية والأنانية، ولكن الخطر الداهم يكمن في الممارسات والأنشطة الإرهابية الهدّامة التي تقوم بها عناصر موغلة في التطرف تنتهج أعمال العنف والتدمير والقتل، تنتمي إلى تنظيم القاعدة الإرهابي الذي يحاول بأعماله الإرهابية تمزيق اليمن إلى أشلاء ليتسنى له إقامة إمارات خاصة به في تلك الأشلاء من الوطن، وهو بذلك يلتقي مع أهداف دُعاة الإنفصال والتفرقة، ويخالف ما يدعو إليه الدين الإسلامي الحنيف من وجوب التوحد والاعتصام بحبل الله وعدم التفرق، وينهى عن إخافة الآمنين، وقتل النفس التي حرّم الله؛ لأن من يحاول أن يلحق الضرر بوطنه وبالآخرين بممارسته لأعمال العنف والاغتيالات والتفجيرات وإقلاق الأمن، إنما يُسيىء إلى الدين الإسلامي الحنيف، إلى جانب أنها ممارسات وأعمال تتنافى مع قيم وأخلاقيات الشعب اليمني المسلم، وتعكس الفهم الخاطئ للإسلام من قبل تلك العناصر التي تم تعبئتها تعبئة خاطئة، وغرس نوازع الحقد والانتقام في نفوسها وعقولها، والتي تخدم بأعمالها أعداء الإسلام الذين وجدوا في تلك الأعمال الإرهابية التي تقوم بها عناصر تنتمي للإسلام فرصة ذهبية لربط الإرهاب بالإسلام الذي هو منه براء. لقد ألحق الإرهاب أكبر الضرر باليمن، وأساء إلى سمعتها وعلاقاتها بالآخرين، وأشاع الخوف والرعب والفزع والقلق النفسي لدى السكان، وهو ما يفرض على المفكّرين والعلماء والدعاة القيام بدورهم الديني والوطني في تبصير الناس بحقيقة قيم ومبادئ وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي يدعو إلى الاعتدال والوسطية والتسامح ونبذ التعصّب وكل أشكال الغلو والتطرّف ويجرّم العنف والإضرار بالآخرين، ويؤكد الحاجة إلى الاستعانة بهديه وبتعاليمه السمحة التي تدعو إلى الخير، وإلى الاعتصام بحبل الله، وتعزيز وحدة المسلمين، وغيرها من القيم الإسلامية النبيلة التي ينبغي للمسلمين بشكل عام وعلى اليمنيين خصوصاً الاستفادة منها في ترسيخ وحدتهم وتعزيز تماسكهم بما يحافظ على سلامة الوطن، ويجنبه مخاطر التمزق والتفتت الذي يعمل بعض أبنائه على تبني هذا النهج الكارثي، غير مستوعبين المخاطر المترتبة على تمزيق اليمن وخلخلة أواصر التوحد والتعاضد والتكامل بين أبنائه. رابط المقال على الفيس بوك