ساعات ويرحل عنا غير مأسوف عليه عام 2013م . عام الحزن كان فيه السمة الغالبة لحالنا. والفجائع ضيف ثقيل، غادرنا والدماء عنوان رئيس لتفاصيل يومياتنا. عام شهدت فيه اليمن حرباً ضروساً ضد التغيير والسلم الاجتماعي. عام كشف بكل جدارة مدى تحجر القلوب وتفنن الناس في إراقة الدماء. عام انتهى بفاجعة مستشفى العرضي والهبة الحضرمية. عام تلونت فيه الشوارع العامة والأزقة إلى اللون الأحمر . عام شهد فيه المغترب اليمني إهانات جمة من جارتنا وشقيقتنا. فجأة صار اليمني المغترب يسرق ويقتل وينهك الأعراض؛ هكذا دون سابق إنذار، صار المغترب اليمني الذي ترك وطنه وعائلته بحثاً عن رزقه يهدد أمن جارتنا وشقيقتنا التي دعمتنا وتدعمنا بيد بينما في اليد الأخرى معول لهدم هذا الوطن. عام سيرحل تاركاً في قلوبنا غصة وفي يومياتنا ترقب لحدث شبيه بحادث العرضي. سيرحل العام الحالي ومازلنا ننتظر بترقب سقوط طائرة وسماع انفجار ومشاهدة صور وفيديوهات لشهداء الدراجات النارية أو طائرة بدون طيار، مشاهدة لجرائم قتل واعتداء. سيرحل العام الحالي ولن ترحل معه ذكرياتنا المؤلمة التي وثقتها الكاميرا بكل دقة وجرأة نتناقل ما وثقته عبر البلوتوث أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر الواتس أب. نحتفظ بها ونكرر مشاهدتها حتى نألف مناظر الموت بطرقه المتنوعة، ولعل أشدها حزناً وتأثيراً توثيق أحدهم لوفاته وزوجته، بينما يستمتعان بمياه سد كمران؛ لتثبت لنا الكاميرا بأنها قادرة على تسجيل خصوصيات نهايتنا كما تسجل تفاصيل يومياتنا. لو فتشنا في ذاكرة 2013 لوجدنا كيف آلت إليه إنسانيتنا وكيف صارت حياتنا بكل تفاصيلها مباحة للآخرين. ساعات ويقبل عام جديد يرُحل إليه البعض أحقادهم وفوضاهم ورغبتهم الملحة في تدمير البلاد، بينما يُرحل البعض الآخر أحلامه وطموحاته بوطن يسوده الأمن والسلام. ولأنني مثل الكثير ينتمون للفريق الثاني فإني أعلنها من هنا:لنجعل عام 2014 عاماً لهبة شعبية لحب الوطن. هذه البلاد بحاجة ماسة لقلوب بيضاء لا تعرف سوى الحب والعطاء، لن يجد في هذه البلاد لا المعونات الدولية ولا دعم البنك الدولي وأصدقاء اليمن مادامت قلوبنا محشوة بالحقد والكراهية. صرنا في هذه البلاد الطيبة نشهد الجرائم والحوادث المخيفة التي ما كانت تطرأ في خيالنا. ما عدنا نسأل عن الأسباب التي تجعل أباً يقتل أبناءه بطريقة بشعة، وما عاد يهمنا أن نعرف لماذا الدراجات النارية تستهدف الأمن ورجاله. تسلسل إجرامي يومي سريع الوتيرة لا يسمح لنا بالأسئلة والبحث عن إجابات. اختطافات بالجملة للكبير والصغير وقتل بطرق غير إنسانية صار البارود هو الهواء الذي نستنشقه ونألف رائحته. فشل أمني وسياسي واقتصادي واجتماعي تأقلمتا معه واعتدنا عليه واقتنعنا به. هذه هي حالتنا، وهكذا صيروا وطننا، وهكذا اغتالوا في قلوبنا حب الوطن. صرنا في حالة جدل دائم وعقيم؛ كل طرف يتهم الآخر، وكل طرف يمقت الآخر، واليمن بين الطرفين لا تجد من يهتم لأمرها. هي فرصة يجب أن نستغلها ونعلنها هبة لمحبة اليمن أرضاً وإنساناً؛ لنودع أحقادنا واختلافنا ونحزم حقائب الخير والمحبة فقط لتكون زادنا في العام الجديد. ليترك الإعلام أساليبه الملتوية وعدائيته المعلنة ويعلنها معنا حملة وطنية لحب الوطن وحب الإنسان، فما أحوجنا لهكذا حملة وهكذا محبة لننجو باليمن وبأنفسنا لكي نستعيد إنسانيتنا الضائعة ونعطي الوطن حقه الذي نهبته شراسة القتل ولوثته رائحة الدم والبارود. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك