“ الفنقلة “ مصطلح استخدمه الرائي العظيم عبدالله البردوني عنوان لإحدى قصائده والمقصود به هنا الحيرة والتخبط السياسي اللذان يحيطان بمسألة إعادة بناء الدولة اليمنية على أساس إتحادي . فنقلة الاقاليم هي الجهالة الحزبية الظاهرة الآن في إعلام اليمن نقلاً عن طاولة ودهاليز مؤتمر الحوار , وهي السخافة التي تتناول القضية الجنوبية باستخفاف واستهتار , وتتلاعب بمصير اليمن دون مبالاة . فأولاً : فشلت القوى الحاكمة والمتصارعة الآن حول الاقاليم في بناء إقليم واحد وفي الحفاظ على أمنه واستقراره , بل ووحدته التي يزايد عليها من هدم أسسها وضرب مقوماتها في الأرض وفي الشعب , في الثورة والتنمية . وثانياً : لا تملك اليمن في خزائنها , ولا حتى في وعود المانحين المال اللازم لبناء دولة مكونة من اكثر من اقليم , ناهيك عن الخبرات المطلوبة لبناء هذه الأقاليم إدارياً ومالياً. وثالثاً : لم تقدم الأحزاب التي اقترحت الاقاليم رؤية علمية وعملية بل لم تقم بذلك لنفسها فهي لم تقم بأية دراسة علمية للجغرافيا والسكان تتصور الجدوى والتوازن المتاح الممكن في تقسيم الأقاليم وتحقيق ما يتطلبه كل اقليم من مقومات الاستقلال بنفسه والشراكة مع غيره في دولة اتحادية . ولأن المسألة هي في البعد الوطني , كقضية , مسألة بناء الدولة التي غيبتها مراكز القوى من مشيخ وعسكر , وهي أيضاً مسألة بناء هذه الدولة بما يستعيد الشراكة الوطنية بين شمال وجنوب في دولة الوحدة , فإن الطريق الى ذلك مفتوح فقط على استعادة هذه الشراكة بصورة تتجاوز الازمة الناجمة عن اقصاء والغاء الجنوب واتفاقيات التوحيد . نقول هذا ونحن نعلم ان الذين حولوا الدولة الى مراكز القوى وعصبيات , وحولوا الوحدة إلى مغانم وثروات , لن يتوقفوا عن فنقلة كل قضية بما تمليه عليهم المصالح الخاصة وتفرضه عليهم المطامع النهمة الى تخريب عملية بناء الدولة , والتهرب من اي استحقاق يتحول بنا الى المواطنة وسيادة القانون . ربما أصبحنا بحاجة الى هبة وطنية تتجاوز تسلط المركز غير المقدس وعصبياته التي تفتت النسيج الوطني الى حدود آمنة بالمواطنة والدولة , وإلا فإن هذه المركز وعصبياته سيقودنا الى هبات التمزيق التي ستهب طائفياً في الشمال وجهوياً في الجنوب بحيث لا تُبقي لليمن منها أرضاً أو اسماً او شعباً , فاستفيقوا ايها المفنقلون قبل الطوفان !! [email protected]