في تاريخ الصراع على السلطة , برزت ظاهرة المزايدة بشعارات براقة كسنة حاكمة لحركة التاريخ , بحيث ثبت تاريخياً ان قوى الفساد ورهط الإفساد يخادعون الناس بهذه الشعارات لأنهم لا يجرؤون على المجاهرة بحقيقة مواقفهم المعبرة في البواعث والمقاصد عن حماية مصالحهم غير المشروعة والدفاع عنها. وفي تاريخ الجمهورية اليمنية , على سبيل المثال, رفع رهط الفساد شعار الوحدة ستاراً يغطي حقيقة نكوصه عن بناء دولة الوحدة , ويحمي مصالحه المكتسبة بالفساد قبل التوحد والاندماج السياسي لدولتي الشطرين في دولة واحدة , ولعل نتائج حرب صيف عام 1994م, والإدارة الرسمية للسلطة بعدها , تكشف وجه الحق الظاهر في أن الوحدة ودولتها كانتا الضحية الاولى لفساد القوى التي زايدت بهما وزعمت الدفاع عنهما. تتكرر الآن المزايدة بالوحدة غطاء للهروب من استحقاقات بناء الدولة من خلال طاولة الحوار الوطني الشامل ومخرجاته المرتقبة لانجاز مطلب تغيير النظام الذي ساد بعد الحرب , وكان هدف التغيير للانتفاضة الشعبية عام 2011م , لهذا فإن اعادة بناء الدولة يتضمن أولاً حلاً عادلاً للقضية الجنوبية ويتزامن ثانياً مع أولوية الخروج من دولة التسلط الفردي وعصبياته العشائرية والعائلية , الى فضاء الدولة وضماناتها الكافية للحفاظ على الوحدة والاستقرار. ان اعادة بناء الدولة على اسس الحكم الرشيد تقتضي أولاً استعادة الشراكة الوطنية المغتصبة بالحرب والمصادرة بمفاسد الفرد وعصبيات الاستحواذ والاستئثار , وهي المفاسد التي كانت الوحدة ضحيتها , والشعب في الجنوب عنوان مظالمها , وحين تعود قوى المزايدة بالوحدة الى صدارة المشهد الراهن , فإنها تتجاهل ان الواقع يفضح حقيقتها الماثلة للعيان في الاستفراد بالسلطة والاستحواذ على الثروة , وهنا يكون الشعب مدركاً للخداع ومتحرراً من زيف ادعاءاته. من الواضح ان الواقع لا يقدم لقوى الافساد ورهطه عناصر القوة القادرة على الذهاب بمزايدتها الكاذبة بالوحدة الى نقطة الحسم والانتصار , لذلك تراوغ بالزيف في واقع ان لم تتجه معه الى بناء الدولة واستعادة الشراكة , فإنها هي من يدمر ما تبقى من فرصة للحفاظ على الوحدة ومقومات استمرارها في الحاضر والمستقبل . [email protected] رابط المقال على الفيس بوك