الذين استبقوا انعقاد مؤتمر الحوار الوطني بالحديث عن أسقف تقيد حركته إلى ابعد منها ، لم يدركوا أنهم يشترطون على مكونات المؤتمر ألا تتجاوز قناعاتهم والحدود التي يرونها لمواقفهم السياسية من قضايا الحوار وإشكالياته ، لذلك حاولوا رفع عناوين ملتبسة لأسقف لا وجود لها إلا في تصوراتهم وحسابات مصالحهم، فكان أن فشلوا وانهدت أسقفهم من أساسها. بعض هؤلاء اشترط أن يكون الحوار الوطني تحت سقف الشريعة، متجاهلاً أن ملفات الأزمة الوطنية أنتجت وتضاعفت تعقيداتها قبل العام 2011م ، تحت هذا السقف الذي لم يستطع أن يمنع باسم الشريعةأو حتى يحد بسقفها ممارسات سلطة طغت وأفسدت وأفحشت في البغي والعدوان والنهب والإهدار ، فأين كان هؤلاء من تجاوزات فظيعة لسقف الشريعة ومن ممارسات لم يحدها حد في التنكيل والتدمير والإهدار والإفساد؟! آخرون ، رفعوا سقف الوحدة في وجه الحوار الوطني شرطاً لا يتجاوزه المتحاورون إلى مطالب مرفوعة من الحركة الشعبية المعبرة عن القضية الجنوبية، وهؤلاء، مثل سابقيهم، لم نسمع لهم حساً، حين تمزق سقف الوحدة بعد حرب صيف العام 1994م، بالفظائع المقترفة ضد الجنوب، شعباً وأرضاً وثروات، فلم يرفعوا سقف الوحدة في وجه تشريد مواطني الجنوب وتهجير قياداتهم ، ونهب الأرض والممتلكات ، ولذلك كان حرياً بهم ، أن يرفعوا سقف الحق والعدل الذي ينصف مواطني الجنوب، ويغريهم بالبقاء مع شركائهم في دولة لا فساد فيها ولا طغيان. بعض أصحاب السقوف ، يرفع سقف الرفض في وجه الدعوة لبناء الدولة على أساس اتحادي “الفيدرالية” بين إقليمين أو أقاليم، مكتفياً باللامركزية بديلاً، بدعوى أن هذا الشكل من أشكال الدولة يقود إلى التقسيم، وهو زعم باطله ظاهر في الواقع القائم على أزمة متفاقمة بمفاسد المركزية وطغيان سلطاتها المحتكرة للفرد وعصبياته على حساب الوطن ومواطنيه. انعقد الحوار بلا سقف ، وانهارت سقوف رفعها شركاء الطغيان وكثير مفاسده، ومع ذلك يتمسك أصحاب سقف الشريعة بسقفهم وهم يرون للشريعة في مؤتمر الحوار وفي البيضاء وحتى زنجبار رايات وأنصار للقتل والدمار، فللشريعة أسقف شتى غير أن للحوار الوطني سماوات مفتوحة للعقل بلا حدود أو قيود. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك