إذا كان التمديد المحتمل للفترة الانتقالية نتيجة لفشل عملية التسوية وهروباً من استحقاقاتها المحددة في مهمة الحوار الوطني الشامل, فإن هذا التمديد يصبح مأزوماً بالأزمة السابقة وبأزمة الفشل في تجاوزها, لذلك فهو طريق إلى أزمة متفجرة بأخطار العجز والمجهول. أما إذا كان هذا التمديد حتماً مقضياً بالمتطلبات الإجرائية والزمنية اللازمة لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني, فإنه يصبح نجاحاً مفتوحاً على العزم والإنجاز, لكن كيف نتمكن من التمييز بين الفشل والنجاح؟ بالتأكيد لن يكون هذا التمييز ممكناً على أساس إجراء الانتخابات في موعدها المحدد بفبراير 2014م , وإنما على توافر المرجعية الدستورية والإجرائية لهذه الانتخابات. هذا يعني أن النجاح محدد بوضوح في صياغة العقد الاجتماعي المنشود للدولة الوطنية, وهو العقد الذي يوجه وينظم عملية إعادة بناء الدولة, بناء يتضمن الحل العادل للقضية الجنوبية ويجنب الوطن والشعب مخاطر التشرذم والتفتيت. وحين نشترط التلازم العضوي بين إعادة بناء الدولة والحل العادل للقضية الجنوبية فإننا ننطلق من واقعية قاطعة في دلالتها على أن الأزمة الوطنية كانت وستبقى أزمة دولة الوحدة, وأن العدل في حل القضية الجنوبية يتضمن إعادة بناء هذه الدولة على أساس الخروج من أزمات تعطيل عملية التوحيد, وإلغاء الشراكة القائمة على هذه العملية بين الشمال والجنوب, وهنا يكون العدل ممكناً ومتاحاً في استعادة هذه الشراكة ضمن عقد اجتماعي جديد ومرحلة انتقالية أو تأسيسية لهذا العقد في دولة أولاً ثم في سلطة ثانياً. والفرق بين الدولة والسلطة ظاهر في كون الدولة إطاراً جامعاً لكل مواطنيها بدون تمييز, بينما السلطة إدارة قابلة للتداول الدوري بين الأقليات والأكثريات المحددة بصناديق الاقتراع, وهنا, تبرز الأولوية في الأهمية السياسية والعملية للكيفية التي ستجري بها الانتخابات والمرجعية الدستورية الحاكمة على هذه الإجراءات والناظمة لآلياتها ونتائجها. هنا نؤكد أن التمديد المعقول والمقبول هو الذي تفرضه الحاجة الإجرائية المحددة بالتوافق الوطني على الحل العادل للقضية الجنوبية ضمن عقد اجتماعي جديد, وأي تحايل على هذا التوافق أو هروب من استحقاقاته, سيضيف إلى الأزمة القائمة أزمات الفشل في تسويتها سياسياً, وهو ما يضعنا أمام خيارين لا ثالث لهما, إما النجاح المتاح والممكن بدستور إعادة بناء الدولة, أو الفشل المتفجر بلا حدود أو قيود . [email protected] رابط المقال على الفيس بوك