بداية يحسن بي التأكيد على أن أي تعطيل لعملية الحوار أو تأجيل لنتائجه خارج النطاق الزمني المحدود الذي تقتضيه الإجراءات التنفيذية , يعني الدخول في دهاليز الفشل والغرق في تداعياته التي أن تدفقت حركتها في الواقع وعليه , فإنها تضع اليمن في منحدر الانهيار. لا مبالغة ولا تهويل في هذا القول, فهو تقرير أمين وتقدير واقعي وموضوعي للنتائج المترتبة على فشل الحوار الوطني, خصوصاً اذا جاء هذا الفشل نتيجة نجاح مراكز القوى في إفشال وإعاقة الحوار عن إنجاز مهمته والخروج بالواقع المأزوم إلى شواطئ النجاة وبر الأمان المتاح والممكن لبناء اليمن الجديد . النجاح المأمول والمتاح للحوار الوطني يتحدد بكل وضوح في توافق أطرافه على عقد اجتماعي جديد وهذا يعني إعادة بناء الدولة على أسس دستورية جامعه للاختلاف وناظمة لصراعاته على السلطة بمرجعيه من قيم الحرية والعدل ومبادئ المواطنة ومعايير الشراكة وضمن آليات محققة للسلم والسلام والنزاهة والشفافية. هذا العقد الاجتماعي مشروط بتوافق الإرادات السياسية لقوى الصراع الدامي وأزماته, داخل مؤتمر الحوار وخارجه على الحاجة إلى الانتقال إلى الدولة, وعلى المصلحة من تجاوز عهد تغييب الدولة, وهذا يعني التسليم الطوعي لكل قوى الصراع بهذه الحاجة وهذه المصلحة, وإعادة تأطير المصالح والامتيازات المكتسبة في فترة تغييب الدولة وفق متطلبات الاحتكام إلى الدولة وسيادة القانون. والوصول إلى هذا العقد, يمر وفقاً لخصوصية الأزمة الوطنية من بوابة القضية الجنوبية, حيث الحل العادل لهذه القضية يتضمن استعادة للشراكة الوطنية في بناء دولة الوحدة , وهي الشراكة التي استبعدت بأزمة 1993م وحرب صيف 1994م , ولذلك يتوجب على مؤتمر الحوار الوطني إنجاز العقد الاجتماعي وتضمينه إجراءات مرحلية تضمن تنفيذ مقررات الحل العادل للقضية الجنوبية . إعادة بناء الدولة اليمنية على أساس اتحادي بين إقليمين في مرحلة تأسيسية مزمنة, هو الحل الأمثل للقضية الجنوبية والتصور الأفضل للانتقال إلى الدولة وبناء هذه الدولة على جغرافيا اليمن الواحد والشعب الموحد, أما المناورة بالأقاليم حفاظاً على الوحدة فلا يتضمن حلاً للقضية الجنوبية فضلاً عن انه مرهق لميزانية دولة عاجزة ومغيبة, وما يجري الآن من خروج عن الاطار الوطني للحوار هو هروب من المسؤولية نحو فشل يهوي باليمن إلى الانهيار. [email protected]