وأخيراً ستجتمع القوى السياسية اليمنية وأحزابها حول طاولة مفتوحة للحوار الجاد والمسئول لإيجاد مخارج عادلة وآمنة لها من تعقيدات الأزمة الوطنية، والتوافق على أمثل السبل لبناء اليمن الجديد المهيأ للاستقرار والواعد بالرخاء والازدهار، فهل ستنجح هده القوى في إنجاز المهمة؟. استبق الإجابة بالتأكيد على أنه ليس أمام أعضاء مؤتمر الحوار الوطني سوى النجاح، والنجاح فقط؛ لأن الفشل يعني أن يحكم هؤلاء على أنفسهم وعلى وطنهم بالانتحار في مهاوي التمزق والاقتتال, وهنا لا نخوِّف أحداً من مخاطر الفشل بقدر مانقرأ واقعاً محكوماً بهذين الاحتمالين، تاركاً لمن بيده الأمر اختيار أحدهما، لذلك على الشعب اليمني أن يحتشد حول طاولة الحوار بكل إرادته القادرة على فرض خياراتها، والحيلولة دون مزالق تمييع القضية أو فشل المهمة أو الانحراف بها إلى حلول جزئية ومؤقتة تؤجل الانهيار والدمار. وللشعب في هده اليقظة المتوثبة علامات واضحة ومحددة في حاجته إلى بناء دولة تحقق مصالحه، وتحميه من فساد التسلط ومفاسد العصبيات المحتكرة للسلطة والمستأثرة بالثروة، والمعطلة للتنمية والبناء، دولة تعترف بمواطنيها وحقهم في الشراكة والمشاركة من خلال محلية كاملة، وديمقراطية حقيقية, وتنمية شاملة ومستدامة, وعلى المتحاورين بناء ركيزة هذه الدولة من خلال عقد اجتماعي مجسد في دستور جديد، الحرية والكرامة سقفه الوحيد. وعلى المتحاورين أن لا يتناسوا أنهم صناع الأزمة الوطنية، وأن يدركوا أن التاريخ وفرّ لهم فرصة للخروج من دوامة التأزم التاريخي، لن تتاح لهم إذا هم فرطوا بها، وأهدروا وقتها الثمين بالمكايدات العقيمة والمماحكات السخيفة، ذلك أن الانتفاضة الشعبية التي تفجرت في العام 2011م لن تقبل من الحوار الوطني بأقل من دولة ضامنة للشراكة بالحكم المحلي وحاضنة للمشاركة بالنظام الديمقراطي، وهي متأهبة لانتفاضة أقدر من سابقتها على تغيير النظام وركائزه ومنظومة فساده القديمة والجديدة. يتطلب بناء هذه الدولة من مؤتمر الحوار استباقها بمعالجة حقيقية وعادلة للقضية الجنوبية، وقضية صعدة، وتأمينها بعدالة انتقالية مؤسسة للتصالح والتسامح وحارسة للحقوق والحريات من بغي التسلط وعدوان الاستبداد، فالمستقبل الآن يقف على عتبات مؤتمر الحوار الوطني الشامل, فلننتظره هناك.. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك