انتهينا من مؤتمر الحوار الوطني الذي تفاعل الجميع معه سلباً وإيجاباً وإن كان المتفائلون بنتائجه أكثر من المتشائمين، أملاً منهم في الخروج باليمن من أزماته. والسؤال الذي يطرح نفسه في المرحلة المقبلة: ماذا بعد مؤتمر الحوار ؟ وماهو دورنا جميعاً تجاه تنفيذ قراراته ؟ وهل سيتحول دورنا من دور المتفرج إلى دور المشارك؟ أعتقد أن الإجابة على هذه الأسئلة تتطلب منا نوعاً من الجرأة والشجاعة الوطنية في مصارحة الذات في أن المرحلة القادمة تتطلب منا جميعاً المشاركة الفعلية في بناء الوطن والخروج من حالة الوصاية والسلبية والشعارات التي جربناها طيلة السنوات الماضية فأوصلتنا إلى مانحن فيه. الحوار الوطني ومخرجاته سعى إلى بناء شراكة واسعة بين اليمنيين وأتاح الفرصة إلى الانخراط والشراكة الواسعة في التفكير والإنجاز والتطبيق . فكل فرد مسؤول وشريك في رسم ملامح الدولة اليمنية القادمة. يجب أن ندرك أن تفاعلنا في المرحلة القادمة هو مبدأ ديمقراطي من مبادئ اليمن الحديث الذي نسعى جميعاً لإقامته، هذا المبدأ يساعدنا في تحديد العديد من المبادئ الأخرى كالمواطنة والمساواة والحقوق والحريات ، ومن ثم رفض الاستبداد والتسلط، فقد عانينا كثيراً وحرمنا فترة طويلة من الزمن من المشاركة الفعلية في بناء الوطن بفعل تلك السياسات الأحادية الضيقة التي أخرتنا عشرات السنين عن اللحاق بالآخرين. إن مرحلة التحول التي يمر بها الوطن تتطلب من الجميع المشاركة في صياغة البرامج والسياسات الواقعية والملموسة وهو ما يدحض الحجج والإدعاءات التي تريد أن تثبت أن اليمنيين لم يصلوا إلى درجة النضج الذي يمكنهم من المشاركة الفاعلة في بناء أوطانهم. يجب أن يشعر الجميع بعظم المسؤولية التي تفرضها المرحلة الحالية والتي تتطلب من الجميع التعاطي بإيجابية مع متطلبات المرحلة ومع مقررات مؤتمر الحوار الوطني، فالوعي المجتمعي الذي يجب أن يسود لن يتحقق مالم يكن الجميع على فهم عال لخطط التطوير واستراتيجية البناء في المرحلة القادمة. ما أريد التركيز عليه هو أن دورنا الفاعل ومشاركتنا الوطنية والخروج من دائرة السلبية من شأنه تفعيل وتحديد بنية المجتمع اليمني في المرحلة القادمة ونظامه السياسي وسماته العامة، كما أنه سيحدد نمط العلاقات السياسية والاجتماعية بين جميع المكونات داخل الوطن. الأمر يتطلب من الجميع مراجعة دقيقة للمنجز الوطني الذي تحقق خلال الفترة السابقة، وما يتبع ذلك من ضرورة امتلاك الكفايات والقدرات التي ستساهم في إنجاز التحول الوطني والمنشود.